فهو يتبرأ فى الحاضر و المستقبل مما يعبده المشركون فى أي زمان كان و ينفى جواز عبادته لمعبودهم و يبين أن مثل هذا لا يكون و لا يصلح و لا يسوغ فهو ينفى جوازه شرعا و وقوعا فإن مثل هذا الكلام لا يقال إلا فيما يستقبح من الأفعال كمن دعي إلى ظلم أو فاحشة فقال ( أنا أفعل هذا ما أنا بفاعل هذا أبدا ( فهو أبلغ من قوله ( لا أفعله أبدا ( و هذا كقوله ( و وما أنت بتابع قبلتهم و ما بعضهم بتابع قبلة بعض ( .
فهو يتضمن نفى الفعل بغضا فيه و كراهة له بخلاف قوله ( لا أفعل ( فقد يتركه الإنسان و هو يحبه لغرض آخر فإذا قال ( ما أنا عابد ما عبدتم ( دل على البغض و الكراهة و المقت لمعبودهم و لعبادتهم إياه و هذه هى البراءة .
و لهذا تستعمل فى ضد الولاية فيقال تول فلانا و تبرأ من فلان كما قال تعالى ( إذ قالوا لقومهم إنا برآء منكم و مما تعبدون من دون الله ( الآية .
و أما قوله عن الكفار ( و لا أنتم عابدون ما أعبد ( فهو خطاب لجنس الكفار و إن أسلموا فيما بعد فهو خطاب لهم ما داوموا كفارا فإذا أسلموا لم يتناولهم ذلك فإنه حينئذ مؤمنون لا كافرون