فقتله هذا القاتل من غير جرم يعلمه كان ظالما و إن كان ذلك الأمر إنما أمره به لكونه قد قتل أباه و المأمور لم يفعله لذلك فلو فعله بطريق النيابة لم يكن ظالما فإن كان له معه غرض فقتله ظلما و لكن الآمر كان مستحقا لقتله .
وكذلك من أمر غيره بما هو كذب من المأمور كأمر يوسف للمؤذن أن يقول ( أيتها العير إنكم لسارقون ( يوسف عليه السلام قصد إنكم لسارقون يوسف من أبيه و هو صادق فى هذا و المأمور قصد إنكم لسارقون الصواع و هو يظن أنهم سرقوه فلم يكن متعمدا للكذب و إن كان خبره كذبا .
و الرب تعالى لا تقاس أفعاله بأفعال عباده فهو يخلق جميع ما يخلقه لحكمة و مصلحة و إن كان بعض ما خلقه فيه قبح كما يخلق الأعيان الخبيثة كالنجاسات و كالشياطين لحكمة راجحة و بسط هذا له موضع آخر .
و المقصود هنا أن دلائل إثبات الرب كثيرة جدا و هؤلاء الذين يزعمون أن المعقول يعارض خبرالرسول الذين يقولون إنهم أثبتوا و اجب الوجود أو القديم أو الصانع هم لم يثبتوه بل حججهم تقتضي نفيه و تعطيله فهم نافون له لا مثبتون له و حججهم باطلة