.
وكذلك كل منهما يستلزم العلم فإن المعلم لغيره يجب أن يكون هو عالما بما علمه إياه و إلا فمن الممتنع أن يعلم غيره ما لا يعلمه هو فمن علم كل شيء الإنسان و غيره ما لم يعلم أول أن يكون عالما بما علمه و الخلق أيضا يستلزم العلم كما قال تعالى ( ألا يعلم من خلق و هو اللطيف الخبير ( و ذلك من جهة أن الخلق يستلزم الإرادة فإن فعل الشيء على صفة مخصوصة و مقدار مخصوص دون ما هو خلاف ذلك لا يكون إلا بإرادة تخصص هذا عن ذاك و الإرادة تستلزم العلم فلا يريد المريد إلا ما شعر به و تصور في نفسه و الإرادة بدون الشعور ممتنعة .
و أيضا فنفس الخلق خلق الإنسان هو فعل لهذا الإنسان الذي هو من عجائب المخلوقات و فيه من الإحكام و الإتقان ما قد بهر العقول و الفعل المحكم المتقن لا يكون إلا من عالم بما فعل و هذا معلوم بالضرورة .
فالخلق يدل على العلم من هذا الوجه و من هذا الوجه .
و قد قال في سورة الملك ( و هو اللطيف الخبير ( و هو بيان ما فى المخلوقات من لطف الحكمة التى تتضمن إيصال الأمور إلى غاياتها بألطف الوجوه كما قال يوسف عليه السلام ( إن ربى لطيف لما