المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها فالقليل من الخير خير من تركه ودفع بعض الشر خير من تركه كله وكذلك المرأة المتشبهة بالرجال تحبس شبيها بحالها إذا زنت سواء كانت بكرا أو ثيبا فإن جنس الحبس مما شرع فى جنس الفاحشة ومما يدخل فى هذا أن عمر بن الخطاب نفى نصر بن حجاج من المدينة ومن وطنه إلى البصرة لما سمع تشبيب النساء به وتشبهه بهن وكان أولا قد أمر بأخذ شعره ليزيل جماله الذى كان يفتن به النساء فلما رآه بعد ذلك من أحسن الناس وجنتين غمه ذلك فنفاه إلى البصرة فهذا لم يصدر منه ذنب ولا فاحشة يعاقب عليها لكن كان فى النساء من يفتن به فأمر بإزالة جماله الفاتن فإن إنتقاله عن وطنه مما يضعف همته وبدنه ويعلم أنه معاقب وهذا من باب التفريق بين الذين يخاف عليهم الفاحشة والعشق قبل وقوعه وليس من باب المعاقبة وقد كان عمر ينفى فى الخمر إلى خيبر زيادة فى عقوبة شاربها .
ومن اقوى ما يهيج الفاحشة إنشاد أشعار الذين فى قلوبهم مرض من العشق ومحبة الفواحش ومقدماتها بالأصوات المطربة فإن المغنى إذا غنى بذلك حرك القلوب المريضة إلى محبة الفواحش فعندها يهيج مرضه ويقوى بلاؤه وإن كان القلب فى عافية من ذلك جعل فيه مرضا كما قال بعض السلف الغناء رقية الزنا