.
و المقصود هنا ان قوله ( وهو الذى أنزل اليكم الكتاب مفصلا ) يتناول نزول القرآن العربى على كل قول وقد اخبر ان الذين آتيناهم الكتاب يعلمون انه منزل من ربك بالحق ) اخبار مستشهد بهم لا مكذب لهم وقال انهم يعلمون ذلك ولم يقل انهم يظنونه او يقولونه والعلم لا يكون إلا حقا مطابقا للمعلوم بخلاف القول والظن الذى ينقسم الى حق وباطل فعلم ان القرآن العربى منزل من الله لا من الهواء ولا من اللوح ولا من جسم آخر ولا من جبريل ولا من محمد ولا غيرهما واذا كان أهل الكتاب يعلمون ذلك فمن لم يقر بذلك من هذه الأمة كان أهل الكتاب المقرون بذلك خيرا منه من هذا الوجه .
وهذا لا ينافى ما جاء عن إبن عباس وغيره من السلف فى تفسير قوله ( إنا أنزلناه فى ليلة القدر ) انه انزله إلى بيت العزة فى السماء الدنيا ثم أنزله بعد ذلك منجما مفرقا بحسب الحوادث ولا ينافى انه مكتوب فى اللوح المحفوظ قبل نزوله كما قال تعالى ( بل هو قرآن مجيد فى لوح محفوظ ) وقال تعالى ( إنه لقرآن كريم فى كتاب مكنون لايمسه إلا المطهرون ) وقال تعالى ( كلا إنها تذكرة فمن شاء ذكره فى صحف مكرمة مرفوعة مطهرة بأيدى سفرة كرام بررة ) وقال تعالى ( وإنه فى أم الكتاب لدنيا لعلي حكيم )