.
فإن الشيء كلما كان أعم كان أعرف في العقل لكثرة مرور مفرداته في العقل و خير الكلام ما قل و دل فلهذا كانت الأمثال المضروبة فى القرآن تحذف منها القضية الجلية لأن فى ذكرها تطويلا و عيا و كذلك ذكر النتيجة المقصودة بعد ذكر المقدمتين يعد تطويلا .
واعتبر ذلك بقوله ( لو كان فيهما آلهة الا الله لفسدتا ) ماأحسن هذا البرهان فلو قيل بعده و ما فسدتا فليس فيهما آلهة إلا الله لكان هذا من الكلام الغث الذي لا يناسب بلاغة التنزيل و انما ذلك من تأليف المعاني في العقل مثل تأليف الأسماء من الحروف فى الهجاء و الخط إذا علمنا الصبى الخط نقول ( با ( سين ( ميم ( صارت ( بسم ) فإذا عقل لم يصلح له بعد ذلك أن يقرأه تهجيا فيذهب ببهجة الكلام بل قد صار التأليف مستقرا و كذلك النحوى إذا عرف أن ( محمد رسول الله ( مبتدأ وخير لم يلف كلما رفع مثل ذلك أن يقول لأنه مبتدأ و خبر فتأليف الأسماء من الحروف لفظا و معنى و تأليف الكلم من الأسماء و تأليف الأمثال من الكلم جنس و احد .
ولهذا كان المؤلفون للأقيسة يتكلمون أولا فى مفردات الألفاظ و المعاني التى هي الأسماء ثم يتكلمون فى تأليف الكلمات من الأسماء الذي هو الخبر و القصة و الحكم ثم يتكلمون في تأليف الأمثال المضروبة الذي هو ( القياس ( و ( البرهان ( و ( الدليل ( و ( الآية (