تلك السورة فاتحة الكتاب و أم القرآن فقدم فيها المقصود الذي هو العلة الغائية فانها علة فاعلية للعلة الغائية و قد بسطت هذا المعنى فى مواضع فى أول ( التفسير ( و فى ( قاعدة المحبة والارادة ( و في غير ذلك $ فصل .
ولما كان علم النفوس بحاجتهم و فقرهم الى الرب قبل علمهم بحاجتهم و فقرهم الى الاله المعبود و قصدهم لدفع حاجاتهم العاجلة قبل الآجلة كان إقرارهم بالله من جهة ربوبيته أسبق من إقرارهم به من جهة ألوهيته و كان الدعاء له و الاستعانة به و التوكل عليه فيهم أكثر من العبادة له و الانابة اليه .
ولهذا إنما بعث الرسل يدعونهم إلى عبادة الله و حده لاشريك له الذي هو المقصود المستلزم للاقرار بالربوبية و قد أخبر عنهم أنهم ( لئن سألتهم من خلقهم ليقولن الله ) و انهم إذا مسهم الضر ضل من يدعون إلا إياه و قال ^ و إذا غشيهم موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين ^ فأخبر أنهم مقرون بربوبيته و أنهم مخلصون له الدين إذا مسهم