فإن ترقى العامي الجاهل والغمر الغافل عن رتبة الوقوف مع الصور والأشكال إلى النظر والاستدلال وأدرك التفرقة بين ما يظهر بذاته وبين ما يظهر بغيره عند حلول الحجاب وظهور ضد الضياء من الظلام وتجلى له وصرف الصور والأجسام فقام عنده البرهان الحقيقي والدليل القطعي على كونها مظلمة لا ترى ذاتها ولا غيرها وأنه لولا وجود شيء خارج عنها هو المسمى نورا ما ظهرت للعيان ولا تميزت منها الصور والألوان والمقادير والأشكال وذلك النور غير حال فيها ولا ناء عنها وإنما هو مشرق عليها مظهر لها كان حينئذ من أرباب الإرادة المحصور نظرهم في الآفاق المحدودة والأقطار المحصورة إذ لم يعرف النور لنفسه دون نسبته .
في الآفاق آيات .
وربما هزك هذا لفهم قوله تعالى سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق .
فهؤلاء في ثاني رتبة فمن شهد الأشياء بالنور لا النور بالأشياء فهذا يترقى من أسفل إلى فوق وذاك ينزل من فوق إلى أسفل فذاك إلى النور ينظر ثم نزل إلى ما بالنور ظهر من الأشكال والصور واستحق أن يتقدم في التعليم والسر على أرباب