منور نور فهما متلازمان ثم إن الله تعالى ضرب مثل نوره الذي في قلوب المؤمنين بالنور الذي في المصباح وهو في نفسه نور وهو منور لغيره فإذا كان نوره في القلوب هو نور وهو منور فهو في نفسه أحق بذلك وقد علم أن كل ما هو نور فهو منور .
وأما قول من قال معناه منور السماوات بالكواكب فهذا إن أراد به قائله أن ذلك من معنى كونه نور السماوات والأرض وليس له معنى إلا هذا فهو مبطل لأن الله أخبر أنه نور السموات والأرض والكواكب لا يحصل نورها في جميع السماوات والأرض وأيضا فإنه قال ! < مثل نوره كمشكاة فيها مصباح > ! فضرب المثل لنوره الموجود في قلوب المؤمنين نور الإيمان والعلم المراد من الآية لم يضربها على النور الحسي الذي يكون للكواكب وهذا هو الجواب عما رواه عن ابن عباس في رواية أخرى وأبي العالية والحسن بعد المطالبة بصحة النقل والظن ضعفه عن ابن عباس لأنهم جعلوا ذلك من معاني النور أما أن يقولوا قوله ! < الله نور السماوات والأرض > ! ليس معناه إلا التنوير بالشمس والقمر والنجوم فهذا باطل قطعا .
وقد قال صلى الله عليه وسلم .
أنت نور السماوات والأرض ومن فيهن ومعلوم أن العميان لا حظ لهم في ذلك ومن يكون بينه وبين ذلك حجاب لا حظ له في ذلك والموتى لا نصيب لهم من ذلك وأهل الجنة لا نصيب لهم من ذلك فإن الجنة ليس فيها شمس ولا قمر كيف وقد روي أن أهل الجنة يعلمون الليل والنهار بأنوار تظهر من العرش مثل ظهور الشمس لأهل الدنيا فتلك الأنوار خارجة عن الشمس والقمر .
وأما قوله قد قيل بالأدلة والحجج فهذا بعض معنى الهادي وقد تقدم الكلام على قوله هذا يبطل قوله أن التأويل دفع للظاهر ولم ينقل عن السلف فإن هذا الكلام مكذوب علي وقد ثبت تناقض صاحبه وأنه لم يذكر عن السلف إلا ما اعترف بضعفه .
وأما الذي أقوله الآن وأكتبه وإن كنت لم أكتبه فيما تقدم من أجوبتي وإنما أقوله في كثير من المجالس إن جميع ما في القرآن من آيات الصفات فليس عن الصحابة اختلاف في تأويلها وقد طالعت التفاسير المنقولة عن الصحابة وما رووه من الحديث ووقفت من ذلك على ما شاء الله تعالى من الكتب الكبار والصغار أكثر من مائة تفسير فلم أجد إلى ساعتي هذه عن أحد من الصحابة أنه أول شيئا من آيات الصفات أو أحاديث الصفات بخلاف مقتضاها المفهوم المعروف بل عنهم من تقرير ذلك وتثبيته وبيان أن ذلك من صفات الله ما يخالف كلام المتأولين ما لا يحصيه إلا الله وكذلك فيما يذكرونه آثرين وذاكرين عنهم شيء