أنه يوافي حين موته بالكفر فقد تعلق به بغض الله وعداوته وسخطه أزلا وأبدا لكن مع ذلك فإن الله تعالى يبغض ما قام بالأول من كفر وفسوق قبل موته وقد يقال أنه يبغضه ويمقته على ذلك كما ينهاه عن ذلك وهو سبحانه وتعالى يأمر بما فعله الثاني من الإيمان والتقوى ويحب ما يأمر به ويرضاه وقد يقال أنه يواليه حينئذ على ذلك .
والدليل على ذلك اتفاق الأئمة على أن من كان مؤمنا ثم ارتد فإنه لا يحكم بأن إيمانه الأول كان فاسدا بمنزلة من أفسد الصلاة والصيام والحج قبل الإكمال وإنما يقال كما قال الله تعالى ! < ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله > ! وقال ! < لئن أشركت ليحبطن عملك > ! وقال ! < ولو أشركوا لحبط عنهم ما كانوا يعملون > ! ولو كان فاسدا في نفسه لوجب الحكم بفساد أنكحته المتقدمة وتحريم ذبائحه وبطلان إرثه المتقدم وبطلان عباداته جميعها حتى لو كان قد حج عن غيره كان حجه باطلا ولو صلى مدة بقوم ثم ارتد كان عليهم أن يعيدوا صلاتهم خلفه ولو شهد أو حكم ثم ارتد لوجب أن تفسد صلاته وحكمه ونحو ذلك وكذلك أيضا الكافر إذا تاب من كفره لو كان محبوبا لله وليا له في حال كفره لوجب أن يقضي بعدم أحكام ذلك الكفر وهذا كله خلاف ما ثبت بالكتاب والسنة والإجماع .
والكلام في هذه المسألة نظير الكلام في الأرزاق والآجال وهي أيضا مبنية على قاعدة الصفات الفعلية وهي قاعدة كبيرة .
وعلى هذا يخرج جواب السائل فمن قال إن ولي الله لا يكون إلا من وافاه حين الموت بالإيمان والتقوى فالعلم بذلك أصعب عليه وعلى غيره ومن قال قد يكون وليا لله من كان مؤمنا تقيا وإن لم تعلم عاقبته فالعلم به أسهل .
ومع هذا يمكن العلم بذلك للولي نفسه ولغيره ولكنه قليل ولا يجوز لهم القطع على ذلك فمن ثبتت ولايته بالنص وأنه من أهل الجنة كالعشرة وغيرهم فعامة أهل السنة يشهدون له بما شهد له به النص وأما من شاع له لسان صدق في الأمة بحيث اتفقت الأمة على الثناء عليه فهل يشهد له بذلك هذا فيه نزاع بين أهل السنة والأشبه أن يشهد له بذلك هذا في الأمر العام .
وأما خواص الناس فقد يعلمون عواقب أقوام بما كشف الله لهم لكن هذا ليس ممن