وليا فقد بارزني بالمحاربة وما تقرب إلي عبدي بمثل أداء ما افترضت عليه ولا يزال عبدي يتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به ويده التي يبطش بها ورجله التي يمشي بها فبي يسمع وبي يبصر وبي يبطش وبي يمشي ولئن سألني لأعطينه ولئن استعاذني لأعيذنه وما ترددت عن شيء أنا فاعله ترددي عن قبض نفس عبدي المؤمن يكره الموت وأكره مساءته ولا بد له منه .
والولي مشتق من الولاء وهو القرب كما أن العدو من العدو وهو البعد فولي الله من والاه بالموافقة له في محبوباته ومرضياته وتقرب إليه بما أمر به من طاعاته وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث الصحيح الصنفين المقتصدين من أصحاب اليمين وهم المتقربون إلى الله بالواجبات والسابقين المقربين وهم المتقربون إليه بالنوافل بعد الواجبات .
وذكر الله الصنفين في سورة فاطر والواقعة والإنسان والمطففين وأخبر أن الشراب الذي يروى به المقربون بشربهم إياه صرفا يمزج لأصحاب اليمين .
والولي المطلق هو من مات على ذلك فأما إن قام به الإيمان والتقوى وكان في علم الله أنه يرتد عن ذلك فهل يكون في حال إيمانه وتقواه وليا لله أو يقال لم يكن وليا لله قط لعلم الله بعاقبته هذا فيه قولان للعلماء وكذلك عندهم الإيمان الذي يعقبه الكفر هل هو إيمان صحيح ثم يبطل بمنزلة ما يحبط من الأعمال بعد كماله أو هو إيمان باطل بمنزلة من أفطر قبل غروب الشمس في صيامه ومن أحدث قبل السلام في صلاته فيه أيضا قولان للفقهاء والمتكلمين والصوفية .
والنزاع في ذلك بين أهل السنة والحديث من أصحاب الإمام أحمد وغيرهم وكذلك يوجد النزاع فيه بين أصحاب مالك والشافعي وغيرهم لكن أكثر أصحاب أبي حنيفة لا يشترطون سلامة العاقبة وكثير من أصحاب مالك والشافعي وأحمد يشترط سلامة العاقبة وهو قول كثير من متكلمي أهل الحديث كالأشعري ومن متكلمي الشيعة ويبنون على هذا النزاع أن ولي الله هل يصير عدوا لله وبالعكس ومن أحبه الله ورضي عنه هل أبغضه وسخط عليه في وقت ما وبالعكس ومن أبغضه الله وسخط عليه هل أحبه الله ورضي عنه في وقت ما على القولين .
والتحقيق هو الجمع بين القولين فإن علم الله القديم الأزلي وما يتبعه من محبته ورضاه وبغضه وسخطه وولايته وعداوته لا يتغير فمن علم الله منه أنه يوافي حين موته بالإيمان والتقوى فقد تعلق به محبة الله وولايته ورضاه عنه أزلا وأبدا وكذلك من علم الله منه