روى عن أبي عيسى الليثي وأبي محمد بن عثمان وأبي عبد الله بن الخراز وأبي جعفر بن عون الله وأبي عبد الله بن مفرج وأبي بكر بن السليم القاضي وأحمد بن خالد التاجر وأبي محمد الباجي وأبي بكر بن القوطية وأبي المغيرة خطاب بن مسلمة والزبيدي وغيرهم . وقرأ القرآن وجوده علي أبي الحسن علي بن محمد الأنطاكي المقرىء وأبي عبد الله بن النعمان وأبي القاسم أصبغ بن تمام الخراز .
ورحل إلى المشرق سنة سبع وستين وثلاث مائة فسمع بالقيروان : علي أبي بكر هبة الله بن محمد بن أبي عقبة التميمي المدونة وأجاز له : ولقي بمصر : أبا محمد الحسن ابن رشيق العدل فأكثر عنه وأجاز له وذكر عنه أنه روى عن سبع مائة محدث . ولقي بها أيضا أبا الحسن بن شعبان وأبا علي المطرز وأبا القاسم عمر بن المؤمل الطرسوس وأبا الطيب أحمد بن سليمان الحريري وأبا بكر بن إسماعيل البنا وأبا القاسم هاشم بن أبي خليفة وعبد الواحد بن أحمد بن قتيبة وغيرهم .
ورحل من مصر إلى مكة فحج ولقي بها : أبا أحمد الحسن بن علي النيسابوري وأبا يعقوب يوسف بن إبراهيم الجرجاني ثم انصرف إلى القيروان فسمع علي أبي محمد ابن أبي زيد جملة من تواليفه وأجاز له سائرها . وأجاز له أبو بكر الأبهري ولم يلقه . وقدم قرطبة سنة إحدى وسبعين وثلاث مائة بعلم كثير واقبل على الزهد والانقباض واقراء القرآن وتعليمه ونشر العلم وثبته . وكان عالما عاملا وفقيها حافظا متيقظا دينا ورعا فاضلا متصاونا متقشفا متقللا من الدنيا . راضيا منها باليسير قليل ذات اليد يواسي على ذلك من انتابه من أهل الحاجة دؤبا على العلم كثير الصلاة والصوم متهجدا بالقرآن عالما بتفسيره وأحكامه وحلاله وحرامه . بصيرا بالحديث حافظا للرأي عارفا بعقد الشروط وعللها . وله فيها كتاب مختصر حسن وجمع أيضا في تفسير الموطأ كتابا حسنا مفيدا ضمنه ما نقله يحيى بن يحيى في موطإه ويحيى بن بكير أيضا في موطإه واختصر تفسير ابن سلام في القرآن وكان له بصر بالأعراب واللغة والآداب .
وكان حسن الأخلاق جميل اللقاء مقبلا على ما يعنيه ويقر به من خالقه تعالى .
قال الحسن بن محمد : ولما ولي علي بن حمود الخلافة بقرطبة أشار عليه قاضيه أبو المطرف بن بشر بتقديم القنازعي إلى الشورى وقدر أنه لا يجرء على رد ابن حمود لهيبته حرصا منه على نفع المسلمين به فعمل ابن حمود برأيه وأنفذ إليه بذلك كتابا من عنده صرف به رسوله على عقبه وانتهره ولم يفكر في ابن حمود وسطوته وقال له : غر السلطان اعزه الله مني وأعطى العشوة من عملي . أنا إلى وقتي هذا ما أقوم بمعرفة ما يجب علي فضلا عن أن استفتي في غيري . وأنشد متمثلا : .
وإن بقوم سودوك لفاقة ... إلى سيد لو يظفرون بسيد .
فاعرض عنه ابن حمود وأوجب عذره .
وقال أبو عبد الله بن عتاب : أبو المطرف القنازعي منسوب إلى صنعته خير فاضل له رواية بالمشرق والأندلس وقدمه القاضي أبو المطرف بن بشر إلى الشورى فلم يلتفت إلى ذلك ولا اشتغل به . واستحضره للمشاورة مع من كان يشاور حينئذ فأبى واعتذر وانصرف وكان يقرىء القرآن C .
وقرأت بخط أبي عمر بن مهدي المقرىء قال : كان القنازعي C من أهل العلم بالحديث والفقه متكلما على الموطإ مجودا للقرآن . وكان يقرىء به مع زهده ورفضه للدنيا وشدة ورعه توفي ليلة الخميس آخر الليل في رجب لاثنتي عشرة ليلة بقيت منه سنة ثلاث عشرة وأربع مئة . ودفن عشية يوم الخميس بمقبرة ابن عباس على قرب من يحيى بن يحيى وصلى عليه القاضي عبد الرحمن بن بشر وكان لجنازته حفل عظيم نفعه الله بذلك . قال غيره ومولده سنة إحدى وأربعين وثلاث مائة .
عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد الحضرمي الأديب المعروف : بابن شبراق : من أهل إشبيلية يكنى : أبا القاسم .
روى عن أبي محمد الباجي وغيره وذكره الخولاني وقال : كان نبيلا شاعرا مفلقا وصحبته وأنشدني كثيرا من أشعاره وأجاز لي جميع ما رواه والكتاب الذي ألفه في الأخبار والغرائب .
وذكره الحميدي وقال : يكنى : أبا المطرف . وكان أبو محمد - يعني ابن حزم - يقول : ابن شبلاق باللام . ومنهم من يقول : شبراق بالراء أديب شاعر مشهور كثير الشعر قديم . كان في