ولكَمْ قطعتُ إليكَ من ديمومةٍ ... نُطَفُ المياه بها سَواد الناظر .
في ليلةٍ فيها السماءُ مُضِلَّةٌ ... سوداءُ مظلمةٌ كقلب الكافر .
والبرقُ يخفق من خلال سَحابها ... خَفقَ الفؤاد لموعدٍ من زائر .
والقطرُ منهلٌّ كأنّ مَسيله ... دمعُ المَشوق وراءَ إلفٍ سائر .
أبو الفرج محمد بن الحسين التَّمّار الواسطي .
أنشدني الشيخ أبو محمد قال : أنشدني ابن بَرهان النحوي البغدادي له : .
مَشيبُكَ سُقمٌ غيرُ بادٍ مَكانه ... له ألمٌ يُعْنى به الرجلُ الطَّبُّ .
وربَّ سَقامٍ مؤلِمٍ غير ظاهرٍ ... إذا الجسمُ لم يألَمْ به ألِمَ القلبُ .
أبو محمد المخزومي البصري .
كان هذا المخزومي قاد إليه الفصاحة بخزامة وشدّ حيازيمه في الفضل على تثبت وحزامة . وكنت عثرت بنُبذٍ من أشعاره في تتمة اليتيمة فصرفتُ وجه الهمة إلى تحصيل أخوات لِما في اليتيمة حتى أنشدني له الشيخ أبو عامر الجراني قال : وهو مما أنشدنيه لنفسه بجُرجان أيام وُردوه على القاضي أبي غانم القصريّ : .
وَلابَةٍ تَنهلُّ فيها ضُحى ... كاليَزَنيّات الدوامي الحدادْ .
تُلقي الأخيرات ظلالاً لها ... على رؤوس الأوليات امتدادْ .
يعني : ما امتدّ من ظلال الجرة : .
كأنها آذان خيلِ الوغى ... مُدّتْ لطعنٍ بينهنّ الصعاد .
حتى إذا قلّصَ ظلُّ الضُّحى ... عادت ثُدَيّاً وقُروناً جِعاد .
يريد تقلُّص الظلّ . قال : وأنشدني من قصيدة له في أبي غانمٍ القَصْري : .
لا تأْمُلي نقلَ الطِّباع فلنْ تَرَيْ ... ناراً مُغوَّرةً وماءً منجدا .
وانتسختُ من ديوان شعره هذه القصيدة : .
قَناعةُ المرءِ راحةٌ وغِنى ... لولا خُمولٌ بِعزِّها قُرِنا .
فما شُحوبي في السير عن طَبَعٍ ... ما كَلَفُ البدر في السُّرى دَرَنا .
كفى القَطا فحصُها الصَّعيدَ إذا ... ألقت قِلاصي على النَّقا ثَفَنا .
بعد حصىً طار عن مناسمها ... رَمْيَ الحَجيجِ الجِمار يوم مِنى .
وطالما حَلّتِ اللجاجة من ... عَزمي سُراها بالسير مُرْتَهنا .
إذا استدارت كما تُدارُ رحىً ... بنتْ على الموت نَقعَها فدَنا .
ثم تمطّتْ في الأُفق صومعةً ... ثم تفشّتْ كالغيث لو هَتَنا .
وقد تُكنِّيني المُحولُ أبا ال ... أضياف والحالُ تستجدّ كُنى .
ألسنُ نارٍ تدعو لنا الجفَلى ... وليس إلاّ زَفيرُها لُسُنا .
تلحسُ فرعَ الدُّخان راقصةً ... كألسُنِ البرقِ تلحس المُزُنا .
لو قلت : إن هذا سحرٌ وليس بشعرٍ لما تخطّيتُ الحق ولا تعدّيتُ الصدق : .
رقْصَ الدَّوامي من السيوف بأي ... دينا إذا خَيلُنا رقَصْنَ بنا .
وشَملَ طيرٍ فَرَّقتُ عن ثَمَدٍ ... وشَتْ إليه بأنملٍ سنَنا .
عَصفَره الصبحُ وازدَهَتْهُ صَبا ... فهْوَ كما أدْمتِ الظُّبى جننا .
وانكدرَتْ بي ضُحىً مُطهَّمةٌ ... إذا تلا العيرَ جَرْيُها ضَمنا .
حنَى محلٌّ اللِّجام هاديها ... كالطَّلِّ في النور أثقلا غُصُنا .
ترشُفُ أقصى قَعرِ الإناء وما ... ردّتْ على الأرض حافراً صَفِنا .
مُلّكْتُها مُهرةً مُحَرَّمةً ... لم تشكُ لسْعي شَكيمةٍ وجنا .
كأنّها حين تتّقي رَسَني ... تحسب صِلاًّ بكفّي الرَّسَنا .
أبو سعيد الحسين بن سعيد الحزيني .
أنشدوني له : .
صَبٌّ كئيبٌ مُغَنّى ... بعيشه ما تهنَّى .
مجتثّ .
له حَبيبٌ إذا نا ... ل ما يريد تجنّى .
يقول : لا تذكرَ ... دعْنا فحسبُك منا .
ماذا يضرُّكَ قلْ لي ... بالله أن أتمنّى .
أبو عبد الله الزَّنْجَفْريُّ .
أنشدني أبو الفضل يحيى بن نصر البغدادي قال : أنشدني الزنجفريُّ لنفسه :