قلت : اجتمع في هذا البيت عاشِقٌ من الريبةِ تائبٌ ومَعشوقٌ من الرَّقةِ ذائِب . وله من حَمَرية : .
قُمْ إلى الراحِ معَ الصُّبْحِ ... إذا قام المُؤذِّنْ .
وإذا أعلنْ باللّهِ ... قَفُلْ للعُودِ أعلِنْ .
إنْ تُسِئْ يا أيُّها العَبدُ ... فإنَّ اللّه مُحسنْ .
وأنشدني القاضي أبو جعفرٍ البَحّائيُّ الزَّوزَنيُّ Bه قال : أنشدني من قصيدةٍ أوَّلهُا : .
سلا عن بانةَ الطَّلَلَ البَبابا ... بحيث يقابلُ البرقُ الهضابا .
وعيشِ غَضارةٍ لو دام لكن ... تكدَّر ذاك حينَ صَفا وطابا .
ومنها .
لياليَ في الخُدورِ مُحجَّباتٌ ... يدعنَ القلبَ مُختبلاً مُصابا .
كَعِينِ سٌويقَةِ حَدقاً ولكن ... رأيناها هُنا شُنُبا عِذابا .
وأعطافاً إذا رمنَ انعِطافاً ... أبَتْ أردافُها إلاّ جِذابا .
وأطرافاً يَحارُ الحَليُ فيها ... فليسَ يَكادُ يَضطربُ اضطرابا .
قد قيل في الأطرافِ المنعمِة : إنها تعضُّ لحلي وتُخرسُ وساوسَها . وأما قوله : بَحارُ الحليُ فيها فلم أسمع به إلاّ في شعره وقد أتى ببدعِ المُستعارِ وبكره وهو في غاية الفصاحة ونهايةِ المّلاحة : .
يَطُفنَ بملءِ عَينِ الصبِّ حُسناً ... وإن كانت بمُهجتهِ عَذابا .
وحدَّثني الأديبُ يعقوب بن أحمد النيسابوريُّ C قال : أنشدت بحضرةِ أبي كاملٍ : .
صَهلَ الكُميتُ ... فقلتُ : مالك تَصهلُ .
فغيّرهُ بعضُ الحاضرينَ وقال : .
نَعبَ الغرابُ فقلتُ : مالكَ تَنعبُ .
فأجازهُ أبو كاملٍ بديهةً وقال : .
نَعبَ الغُرابُ فقلتُ : مالكَ تَنعبُ ... أنأَى أليفُكَ أم لِحالٍ تُرهبُ .
أم أنت تُخبرنا بفُرقةِ جيرةٍ ... قد آن في شعبان أن يتشعَّبوا .
عزموا على تركِ النُّفوسِ وراءَهم ... ماء يسيلُ على لظىّ يتلَّهبُ .
عالي بن جبلة الغسّانيُّ .
سمعت الشيخ أبا عامر الجرجانيَّ يقول : سمعت العميد أبا بكر القُهِستانيّ يقول : كتب إليَّ عالي بن جبلة هذا في أول ما قدم عليَّ : .
من بني جفنةَ بنِ عَمرٍو فتىً ... بالبابِ يَبغي إلي العَميدِ الوصُولا .
أغبرٌ قبّحته غبراءُ للريحِ دَويّ فيها وكان جميلاً .
قال : فأذنت له وأكرمن مثواه واغتنمت قراه . والعجيب أنه أحال قبحه على غبراء يسمع فيها دوي الريح واعتذر عنه بما قاساه من أنواع التباريح وإنما أتي من جانب الخلقة حين لفته القابلة في الخرقة .
أبو الحسين علي بن أحمد .
العبشمي العثماني .
حدثني القاضي أبو جعفر محمد بن إسحاق البحاثي الزوزني قال : كتبَ إليَّ العبشمي هذا أبياتاً أعتوبةٍ سابقة بيني وبينه وهي : .
يا أبا جَعفرٍ محمدُ يا مَن ... جازَ فينا الفخارَ عَن إسحاقِ .
ذا الخِلالِ المُهذَّباتِ وذا الطَّبعِ ... المصفَّى وذا السَّجايا العِتاقِ .
والأديبَ الذي بأشعاره الآ ... دابُ مثلُ الغُصونِ في الأوراق .
مُحدقاتٌ بكلِّ كإحدا ... قِ جُفونٍ العُيونِ بالأحداق .
لك في النظم والبراعةِ في الآ ... دابِ ذكرٌ قد سار في الآفاقِ .
والذي قد حَكى تَفوَّه بالإف ... كِ وحقِّ المُهيمِنِ الخَلاّق .
فاقبل العُذرَ من أخٍ ذي اعتدادٍ ... بك وافي الذِّمامِ والميثاقِ .
واستمعها يا أنفسَ طُرّاً ... كعقودِ الحِسانِ فَوقَ التَّراقي .
قد أتت وهي كالهديُّ تهادى ... في بُرودٍ من المعاني الدِّقاق .
وابق للفضلِ والتفضُّلِ بدراً ... عاجزاً عن سناهُ حكمُ المحاق .
أبو جوثة .
أحد بني أعمام الأمير قرواش بن المقلد أنشدني الشيخ أبو عامر الجرجاني قال : أنشدني العميد أبو بكر القهستاني C قال : أنشدني أبو جوثة لنفسه : .
قَومٌ إذا اقتحموا العَجاجَ رأيتهُمْ ... شُمساً وخِلتَ وجوهَهُم أقمارا