فجاءَ فِسْكِلَ مَن لاقيتُ متّئداً ... أخا عِنانٍ عنِ الأحرار مصروف .
أعرضتُ عنهُ فدلاّني كُوَيْتِبُهُ ... منَ الغُرور بحبلٍ جِدِّ مَضعوفِ .
وطاحَ بي قَولُهم : إنّ الفتى ابنُ أبٍ ... جَمِّ المحاسن بالعَلياء مكتوف .
يا قومُ لا تُنكروا من غير مَعرفةٍ ... لهبَّةِ الريح مَجهولاً بمعروف .
قلت : ما أحسن ما أوهم بالتلفيق بين المجهول والمعروف ومعروف هو اسم المهجوّ .
أبو الفرج الموفَّقيُّ .
هو أحد كتاب المصر . أنشدني الحسين بن يحيى الحكّاك المكّي قال : أنشدني الموفّقيّ لنفسه يصف ناعوراً : .
ناعورةٌ تَحسبُ في صوبتها ... متيَّماً يشكو إلى زائدِ .
كأنّما كِيزانُها عُصبةٌ ... صِيبوا برَيْبِ الزَّمنِ الواتِرِ .
قد مُنعوا أن يلتقوا فاغتذى ... أوّلُهم يَبكي على الآخِرِ .
ابنُ ماني .
أنشدني الشيخ أبو عامر قال : أنشدني أبو الكتائب البصريّ قال : أنشدني ابنُ ماني لنفسه : .
سُبحانَ ربِّ العرشِ سبحانه ... قد صار هارونُ ببّواب .
سِدرتُكمْ آفتُها أنّها ... جمعُ أحباباً لأحباب .
من صاعدٍ فيها ومن هابطٍ ... كأنّهمْ كيزانُ دولاب .
وأنشدني الشيخ أبو عامر الجرجانيّ قال : أنشدني الشيخ العميد أبو بكر القُهِستانيّ قال : أنشدني ابن ماني لتقسه : .
تَواضعَ النِّقْرِسُ حتى لقدْ ... صار إلى رجلِ ابنِ زَيدانِ .
عِلةُ الإنسان ولكنّها ... في رِجلِ مَن ليس بإنسان .
الماهر الدمشقيّ .
أنشدني أبو عامر الجرجانيّ قال : أنشدني أبو الكتائب قال : أنشدني الماهر الدمشقيّ لنفسه في المَرثية : .
برُغْمي أنْ أعنِّفَ فيكَ دهراً ... قليلاً همُّه بمُعنِّفيه .
وأنْ أرعى النجومَ ولستَ فيها ... وأنْ أطأ التراب وأنتَ فيهِ .
هذا أرقّ ما يكون من المراثي يكاء بفجّر عيون الأحجار فتَسيلُ بمُدود النهار بل بأمواج البحار .
الأمير أبو المطاع بن ناصر الدولة .
أنشدني الشيخ أبو عامر الجرجاني قال : أنشدني الإمام أبو بكر الشَّرمقانيّ قال : أنشدني أبو عبد الله الجوهريّ قال : أنشدني أبو المطاع لنفسه : .
لمّا التقَينا معاً والليلُ يَستُرنا ... من جُنحِهِ نِقَمٌ في طِّيها نِعَمُ .
بِتْنا أعفَّ مَبيتٍ باَتهُ بَشَرٌ ... ولا مُراقبَ إلاّ الظَّرفُ والكرمُ .
فلا مشى مَن وَشى عند العدوِّ بنا ... ولا سعى بالذي يَسعى بِنا قَدَمُ .
قلت : هذه والله ألفاظ ما عليها غبار ومعان ليس للخيل بها خبار .
أبو الحسين عليُّ بنُ حمزةَ .
الضَّريرُ الأندلسيُّ .
أنشدني الشيخ أبو عامر له قال : قدم علينا في رجب سنة خمسين وأربعمائة وأنشدنا هذه الأبيات لنفسه : .
لو أنَّ الريحَ تَحمِلُني إليكُمْ ... عَلقتُ ببعض أذيالِ الرياحِ .
وكِدتُ أطيرُ من شوقي إليكم ... وكيف يَطير مقصوصُ الجناح .
فوا أسَفي على زَمَنٍ تَقضَّى ... نَعِمنا فيه بالعيشِ المُتاح .
وقصد الحضرة النظامية بباب رُها ... شهرَ ربيعٍ الآخرِ سنةَ ثلاثٍ .
وستين وأربعمائة وخدمها بهذه الميمية : .
أهلاً بطيفٍ زارَني في المنامْ ... من عادةٍ تَفتنُ كلَّ الأنامْ .
بِجيدِ جيداءَ وعَينَي مَهاً ... أقصدُ من لحظهما في السهامْ .
ووجهِها الأقمر إذ تَزدهي ... به على الشمس وبدر التَّمام .
وشعرها الجَثلِ الأثيثِ الذي ... يحكي إذا امتدَّ التفافَ الظلام .
ووردِ خدِّ فوقَه عقربٌ ... من صُدغِها تَمنعُه أنْ يُرام .
قامتُها كالغُصنِ ممشوقةٌ ... والخصرُ في إرهافِه كالزِّمام .
والرِّدْفُ ككَثيبٍ نَدِ ... يُعقدُها عندَ ابتداءِ القيامْ .
ثَنيتُ عَزمي عن هواها ولم ... أحفِل بما لا قَيتُه مِلْغرام