قل للوزير أدام الله نعمته ... مستخدماً لمجاري الدّهر والقدر .
أردت عبداً وقد أعطيته ولداً ... فسمّه يسم في المعراج مفتخري .
وإن وصلت له تشريف كنيته ... جمعت بالطّول بين الرّوض والمطر .
لا زال ظلّك ممدوداً ومنتشراً ... فإنّه خير ممدودٍ ومنتشر .
فأجابه الصاحب : .
هنيته ابناً يشيع الأنس في البشر ... هنّئت مقدم هذا الصارم الذّكر .
أخوه كالشمس قد عمّ الضيّاء به ... فاجمع بهذين بين الشمس والقمر .
أما اسمه منصور وكنيته ... أبو المظّفر بين النصر والظّفر .
أنت الحياة لآدابٍ برعت بها ... فليجر لي مثل مجري السّمع والبصر .
أبو الحسن علي بن القاسم السنجانيّ .
وسنجان قصبة خواف . صاحب " مختصر العين " ومحلّه من الأدباء " محلّ العين " من الإنسان و " محلّ " الإنسان من العين وقد سهل طريق اللغة على طالبيها وأدنى قطوفها من متناوليها باختصاره العين فلا تكاد ترى حجور المتأدّبين منه خالية " لا " بل تراها " أبداً منه " حالية . وله شعر الزّهّاد وقد جرى فيه على سمت العبّاد ونسج فيه على منوال أولي الاجتهاد . فممّا وقع إليّ منه قوله : .
خليليّ قوما فاحملالي رسالةً ... وقولا لدنيانا التي تتصنّع .
عرفناك يا خداعة الخلق فاغربي ... ألسنا نرى مل تصنعين ونسمع .
فلا تتحلّي للعيون بزينةٍ ... " فأنا متى ما " تسفري نتقنّع .
نغطّي بثوب اليأس منك عيوننا ... إذا لاح يوماً من مخازيك مطمع .
وهل أنت إلا متعةٌ مستعارةٌ ... وهل طاب يوماً بالعواري تمتّع .
رتعنا وجلنا في مراعيك كلّها ... فلم يهننا مّما رعيناه مرتع .
وأنت خلوب كالغمامة كلّما ... رجاها مرجّي الغيث ظلّت تقشّع .
طلوعٌ قبوعٌ كالمغازلة التّي ... تطلّع أحياناً وحيناً تقبّع .
فهذا لعمري كلامٌ لو دعي به الصّخر لجاب ولو قرع به مسمع عفريتٍ لتاب .
وله أيضاً يرثي نفسه : .
دبّت إليّ بنات الدّهر مسرعةً ... حتّى تمشيّن في قلبي وفي كبدي .
قد وسّد التّرب خدّي فهو مضطجعي ... وصار مهادي أوعر المهد .
والعين مني فويق الخدّ سائلةٌ ... وطالما كنت أحميها من الرّمد .
وله أيضاً : .
عن قريب سرائر القلب تفشو ... في مقامٍ يشيب فيه الوليد .
أيّ يومٍ هناك يومي إذا ما ... جمع الخلق موقفٌ مشهود .
أبو الحسن عليّ بن الحرث البياريّ .
عنده مفصّل الفضل ومجموعه ومرأى الأدب ومسموعه ومعدن العلم وينبوعه " والذّي تشدّ إليه الرّحال وتزمّ نحوه الجمال " ويقصد مجلسه القصّاد وتنثال على مناهله الورّاد . حدّ ثني تلميذه أبو العبّاس محمد بن عليّ البادغوسيّ . قال : كتب إليه الوزير الحسن المصعبيّ مهيباً به إلى جانبه ليجني من الأدب " ألذّ " الجنى به فترفّع عن إجابته إذ لم يكن قصد مثل ذلك الباب من بابته وصدّر جواب كتاب المصعبيّ بهذه الأبيات : .
قد تدبّرت ما أشرت إليه ... وهو الخير لا غبار عليه .
غير أن المشيب من برد المو ... ت وخيط الرّقاب في كفيّه .
فلماذا أريد ما لم أرده ... في شبابي ولم أحنّ إليه .
" وأنشدني أيضاً له قال : أنشدنيه لنفسه : " .
ماذا أقول لربيّ حين يسألني : ... فيم اتبعت حراماً بعد سبعين .
لا همّ إن طمعت نفسي فلا طمعت ... فيما ابتغت غير زقّومٍ وغسلين .
أبو المظفر محمد بن آدم .
بن الكمال الهرويّ .
اختصر النّسب إلى آدم وإن كان العهد بينهما قد تقادم والكمال الهرويّ أبوه فهو ابن الكمال وأخوه . ولئن كان نفسه في الشعر قصيراً فقد كان طويل الباع في الأدب " وبه بصيراً " . وللمتكلمّين في مذهب العدل إماماً وعلى علم التّوحيد زماماً . أنشدني له الأديب أبو القاسم مهدي بن أحمد الخوافي قال : أنشدني لنفسه ولم أسمع له شعراً سواه : .
صباح الشّيث أسفر في عذاري ... فسافرت العذارى عن جواري