طال في هجره الليالي جميعاً ... فنسينا كيف الليالي القصار .
وله أيضاً : .
وشادن لقب بالبدر ... يسقيك ما يزداد في العمر .
تنويشه يعجل إطرابنا ... ومزجه يمهل في السكر .
قد زاد ليل الحظ في قدره ... فهل لكم في ليلة القدر .
نرشف من فيه ومن كفه ... راحين حتى مطلع الفجر .
وله في الشيب : .
عجبت من دهري ومن ظهري ... وليس يفنى عجب الدهر .
فقد حنى ظهري ولم يكسر العظم وأبقى وجع الظهر .
وله وهو من الغزليات : .
بليت بطفل قل طائل نفعه ... سوى قبلة يزرى بها طول منعه .
ويمسحها عن عارضيه بكمه ... ويغسلها عن وجنتيه بدمعه .
يكاشحني إن لاح شخصي لعينه ... ويغتابني إن مر ذكري بسمعه .
ولا يستحي من وجه رفقي جفاؤه ... ومن يبتغي في عفوه ضيق ذرعه .
وله أيضاً يهجو : .
أما إن بيت الشعر لو صانه امرؤ ... كما أن بيت المال صان أمينه .
لما زاد ديوان القويضي بأسره ... على نصف بيت غثه وسمينه .
وأغرقه إن شاء إنشاء لفظة ... بكاء ورشحاً جفنه وجبينه .
ولو سارق الأشعار حز لسانه ... كما سارق الأموال حز يمينه .
لكان القويضي منذ خمسين حجة ... يولون لفظاً لم يكن يستبينه .
وله في الحكمة : .
إذ أبى السلطان أن يعدلا ... فارحمه واستغفر له في الملا .
فإنما النار لهم موعد ... لم يجدوا من دونه موئلا .
وله من خمرية يستزير بها بعض أصدقائه : .
شراب عتيق ونقل حديث ... ومثل أغاني الغواني حديث .
فسوقا إلي الشراب القديم ... فغيري يساق إليه الحديث .
هواء كوشي قريضي رقيق ... وريح كمشي عشيقي خنيث .
وساق إذا قال تنويشه ... أغذوا فتجميشه قال ريثوا .
شمائله إن أبى الناس خشن ... ولكنها إن سقى الكأس ميث .
وللمترعات مرور وشيك ... وللمسمعات حداء مكيث .
فزرنا حثيثاً فللطيبات ... كما لمع البرق سير حثيث .
لنغتنم اللهو إن الزمان ... كما الذئب في السرح فينا يعيث .
فإن رثت عنا فإن المدام ... بألباب أصحابنا لا تريث .
وقالوا : المدام حرام خبيث ... فقلت : بنفسي الحرام الخبيث .
فمالي إذا ما دعوت الغياث ... من النائبات سواه مغيث .
وله يهجو : .
وكافر قبحت في العين خلقته ... وذكره بين أهل الفضل ما جملا .
أراد يأكل لحمي زور غيبته ... ويجمل المخ في عظمي فما انجملا .
تركت مفساه درباً للقمد فمن ... دنا إليه رأى أسنانه جملا .
فانصاع معتقداً خوفي ومقتعداً ... ظهر الغياهب في بطن الفلا جملا .
وله يهجو : .
قالوا : القويضي شبيه والده ... فقلت : والجرو يشبه الكلبا .
والكلب منه لم يرض غابطه ... لحماً ولا فروة ولا حلبا .
رب طول يديه واعل بكعبيه ... وشرف مقامه صلبا .
ولا تر الحاسدين فيه مدى الدهر ... سوى ما يرقق القلبا .
الشيخ أبو نصر أحمد بن الحسن .
هو من مفاخر باخرز ولو قلت إني لم أر مثله كثرة إحسان ومضاء قلم ولسان وتناسب خَلق وخلق وتناصر بنان سمح وعنان طلق وسعة رباع وطول باع ورزانة لا يخف ميزانها إلى ظرافة يرق ريحانها لما كنت إلى التزيد منسوباً ولا في المتزيدين محسوباً