شاعر باللسانين وسابق في الميدانين . عهد به وهو يكتب للعميد أبي منصور الورقاني بخط كأنه الدر تتجمل بوشيه ألفاظه الغر . وله رباعيات بلسان العجم تنطق بها الأوتار فيشقى بها الخمار وتصوغ لها القيان ألحانها فتنفض إليها الأطراب أردانها وتقريط بها الأرباب آذانها وتشتغل بها العشاق قلوبها وتشق عليها الفساق جيوبها فمما أنشدنيه لنفسه قوله : .
أفاض الليالي من جفوني اللآليا ... وأنت بتعذيبي تعين اللياليا .
ولولاك ما فاضت جفوني بعبرة ... ولا كنت للأعداء سلماً مواليا .
فطوراً لأحكام اللئام متابعاً ... وطوراً لأنذال العشائر تاليا .
الحاكم أبو القاسم الحذاء الخشكاني .
يقول ما في رأيك أبا حازم الحديث اتفاق من الرأي والحديث . وباعه في سائر العلوم غير قصير والمثنى عليه وإن بالغ موسوم بسمة التقصير . أنشدني الأديب يعقوب له قال : أنشدني لنفسه : .
إذا قدمت خدمة أعليت ... فمالي أحط إلى أسفل .
فإن لم تزدني على رتبتي ... فقف بي على رسمي الأول .
وكتب على بعض نصنيفاته يخاطب بها السيد أبا البركات : .
أيا سيد السادات لا زلت أوحدا ... وكفهاً منيعاً للعلوم مشيدا .
أتاك من التأليف ما رمت جمعه ... فقر به عيناً وقر به يدا .
فذا الجمع في معناه مثلك في الورى ... كما كنت فيهم أوحداً جاء أوحدا .
أبو نصر محمد بن الحسين الكاتب .
المعروف بالقصاب الملقب بصريع الكاس . نيسابوري تقاذفت به الغربة إلى خوارزم فأقام بها حتى انتقل من ظهرها إلى بطنها . ولم تخل أيام حياته مجالس أمرائها ومحافل كرمائها منه . وله كتابة حسنة ونظم بارع كقوله من قصيدة نظامية أولها : .
حياك من ذا الربيع الطلق قادمه ... وأي عيش هني أنت عادمه .
أما ترى البرد قد ولى بعسكره ... حلت عزائمه منه هزائمه .
والغيم أقبل يبكي ملء مقلته ... والروض أقبل مفتراً مباسمه .
والأرض تجلى عروساً في معارضها ... والجو قد كثرت فيه مآتمه .
حتى كأن يد الشيخ الأجل سقت ... خضر الرياض فروتها غمائمه .
لا شيء أعجب من خلق الربيع وقد ... غدا على خلق مولانا يكارمه .
فليس تحكي معانيه هيهات لن يحكي المخدوم خادمه .
الشيخ الإمام أبو الفضل عبد الله .
بن محمد الخيري .
من خيرة نيسابور . هو في الفقه إمام وفي الأدب همام وفي الحضر عتاد الإخوان وفي السفر زاد الركبان . ورد غزته فكان لناظرها نوراً مبصراً ولناضرها نوراً مثمراً . ورجع وهو بما أهدى إلي من بدائعها سمسار بضائعها . فمما أنشدني الأديب يعقوب بن أحمد له قوله : .
نعم المعين على المروءة للفتى ... مال يصون عن التبذل نفسه .
لا شيء أنفع للفتى من ماله ... يقضي حوائجه ويجلب أنسه .
وإذا رمته يد الزمان بسهمه ... غدت الدراهم دون ذلك ترسه .
وله أيضاً : .
أشكو الأقارب لا يغب جفاؤهم ... يبغي أذاي صغيرهم وكبيرهم .
هم يعلنون لدى اللقاء مودتي ... والله يعلم ما تجن صدورهم .
ومن ملحه قوله وقد نقلته بخط يده : .
أقول لوجه كان كالبدر مدة ... تغير لما جاءه الشعر زائرا .
سلام على وجه طوى الشعر ذكره ... وقد كان حيناً مثل شعري سائرا .
وقوله أيضاً : .
يا من تعرض بالخنا متوهماً ... جهلي به مهلاً فإنك جاهل .
كم مرة أغضيت منك على قذى ... لولا النهى لرأيت ما أنا فاعل .
الحسين بن المظفر النيسابوري .
مدح الصاحب نظام الملك وهو بخوارزم بقوله : .
الآن صح من الزمان ضمان ... وأتى من القدر المخوف أمان .
قالوا : خوارزم انوى إقبالها ... وأصابها الإدبار والخذلان .
كذبوا وحق الله فهو بدولة ال ... ملك المظفر للسعود قران .
جذب الملوك من النواصي نحوها ... ملك الورى تاج العلا السلطان