بدا في الورى في كل يوم تقدم ... صدورهم في كل يوم تصدر .
بقرباهم قد ساد كل خليفة ... وبالأمر منهم ساس كل مؤمر .
إذا ما دعوا يال النبي تضعضع الر ... رواسي لأعلام رواسي تستر .
بنى الله فوق الساريات بيوتنا ... بأحمده المحمود ثم بحيدر .
تقلبنا كف الوصي وحجره ... ويرضعنا در النبي المطهر .
ونحن تنقدنا الأنام من العمى ... ووشك الردى والجاحم المتسعر .
ونحن كسرنا الوثن والصلب كلها ... ونحن وسمنا أنف كسرى وقيصر .
ونحن أمان الناس من كل موبق ... ونحن نجوم الأرض في كل معذر .
فيدعو لنا في الفرض كل موحد ... ويدعو بنا في الفضل كل مكبر .
ويسمو إلى تفضيلنا كل موقن ... ويفضي إلى تنقيصنا كل ممتر .
ويفخر جهلاً عندنا كل أرعن ... يزاحم رعن الأخشب المتوعر .
يكاثر غزر القطر عند انهلاله ... ويكثر من نبح الهلال المنور .
فما لي لا أستنزل النجم قاعداً ... وأحني لقىً من ذروة المتجبر .
وما لي أستسقي ولي كل آلة ... تنزل در الآل في كل مقفر .
وقد ذفت من حلو الزمان ومره ... وجربت طوري عرفه والتنكر .
فلم أر أزري بالعلا من تسوف ... ولم أر أحوى للمنى من تشمر .
قضيت لأقلامي ديوناً كثيرة ... وقد حل دين المشرفي المشهر .
وذبيت دهراً عن دسوت حللتها ... وقد حان ذبي عن سريري ومنبري .
وقال يرثي والدته رحمة الله عليه : .
أيدري الذي ينعاك من ذا الذي ينعى ... وأي لهيب يودع القلب والسمعا .
فيا عين جودي وانزفي كل مدمع ... وجودي بإنسانيك إن عدما الدمعا .
لقد هدت الأيام ركناً من التقى ... وأقذين عيناً تكلأ المجد والشرعا .
وأهدت إلى آل النبي رزيةً ... أطالت مدى الأيام واستوفت النزعا .
وأبرزن بيضات الخدور حواسراً ... وأدمعها حمراً وأوجهها سفعا .
يروق الدم الجاري من العين بعدها ... كسلك من الياقوت أسلكته جزعا .
دهتني بالأصل الذي أنا فرعه ... ألا كل أصل مر يستتبع الفرعا .
مقلدة من خوف خالقها حلى ... ولابسة من صون خالقها درعا .
رأت دهرها لم يتسع لهمومها ... وأفعالها الحسنى فضاقت بها ذرعا .
ولو غالها غير القضاء ولا ترى ... لحتم قضاء الله في خلقه دفعا .
لسدت بنوها الأفق بالخيل والقنا ... وردت شعاع الشمس في نسجها النقعا .
لحا الله ذي الدنيا مراداً ومنزلاً ... فما أغدر المثوى وما أوبأ المرعى ! .
تدلل كالحسناء في حسن وجهها ... ولكنها في قبح أفعالها أفعى .
نرى أننا نسعى لخير نناله ... وقد وطئت أقدامنا حية تسعى .
فوا أسفا لو كان يجدي تأسف ... ويا حسرتا لو أنها نفعت نفعا .
ويا نفس لا بدع لظهرك في الأسى ... فليس الذي فاجاك نكراً ولا بدعا .
ويا قلب سمعاً للعزاء وطاعةً ... تطع بهما العقل المنبه والسمعا .
العميد أبو بكر علي بن الحسن القهستاني