لأن في الفرع ما في أصله وله ... زيادةٌ ودليل الناس فيه جلي .
وقال أيضاً وأنشدنيه من لفظه : .
أبو حامدٍ في العلم أمثال أنجمٍ ... وفي النقد كالإبريز أخلص بالسبك .
فأولهم من اسفرايين نشؤه ... وثانيهم الطوسي والثالث السبكي .
فقلت مجيزاً له : .
ولكن هذا آخرٌ فاق أولاً ... لقد فضل الحاكي لدي على المحكي .
فهل ملكا ذا الفضل والسن هكذا ... على ما أرى إني لذلك في شك .
واقترح عليه والده قاضي القضاة وعمره يومئذ ست عشرة سنة أو دون ذلك أن ينظم على قول ابن المعتز : .
علموني كيف أسلو وإلا ... فاحجبوا عن مقلتيّ الملاحا .
فقال وهو أول ما نظم : .
بي ظباء قد تبدت صباحا ... نورها أصبح يحكي الصباحا .
قلت للعذال لما تغالوا ... في ملامي بعدما العذر لاحا .
علموني كيف أبكي وإلا ... فاحجبوا عن مقلتي الملاحا .
وقال يمدح العلامة أثير الدين أبا حيان بقصيدة أولها : .
فداكم فؤادٌ حان للبعد فقده ... وصبٌ قضى وجداً وما حال عهده .
وقلبٌ جريحٌ بالغرام ميتمٌ ... وطرفٌ قريحٌ طال في الليل سهده .
فعجب الشيخ أثير الدين منه ومن سنه فقال فيه : .
أبو حامدٍ حتمٌ على الناس حمده ... لما حاز من علمٍ به بان رشده .
غذيّ علومٍ لم يزل منذ نشئه ... يلوح على أفق المعارف سعده .
ذكيٌ كأن من جاحم النار ذهنه ... ذكاءً ومن شمس الظهيرة وقده .
ومن حاز في سن البلوغ فضائلاً ... زمان اغتدى بالعيّ والجهل ضده .
وقال فيه أيضاً : .
أبا حامدٍ إني لفضلك حامد ... وإنك في كل العلوم لواحد .
ومن شعر بهاء الدين أبي حامد قصيدة مدح بها والده أولها : .
بحبي سبيل الحب قام منارها ... فلا تسألا عن مهجتي فيم نارها .
فحال الهوى لا يختفي وجحيمه ... تزيد ظهوراً حين يرجى استتارها .
وما قتل العشاق إلا صوارمٌ ... بدت من حمى ليلى يلوح غرارها .
إذا أقبلت فالقلب مرمى سهامها ... وإن أدبرت فالعين تطفو بحارها .
بنفسي من صادت فؤادي وأصدأت ... حياتي إذ صدت ودام نفارها .
تزيد لقلبيي إن تباعد ربعها ... دنواً وتجفو حين تقرب دارها .
وتأتي بعذر عن تعذر وصلها ... وما فتنة العذراء إلا اعتذارها .
يصير جنح الليل صبحاً جبينها ... ويظلم بالفرع الطويل نهارها .
مهاةٌ يزين الخصر منها سقامه ... به ألمٌ مما حواه إزارها .
فللكثب ما قد ضمّ منها وشاحها ... وللبدر ما قد حاز منها خمارها .
على أن بدر التمّ يصفرّ إن بدت ... ويخجله من وجنتيها احمرارها .
أيشبهها والفرق بالفرق واضحٌ ... وشمس الضحى أضحى إليها افتقارها .
لقد شق حبات القلوب شقيقها ... فكان إلى خالٍ حواه قرارها .
وما روضةٌ أغنى عن الزهر زهرها ... وغنى بها قمريها وهزارها .
وصفقت الأوراق حين تراقصت ... بمر النسيم الرطب فيها بحارها .
بأرجائها الغزلان تحكي حسانها ... وأفنانها الأفنان تجنى ثمارها .
يروقك من هيف القدود طوالها ... ويسبيك من لحظ الجفون قصارها .
بها الكأس تكسى بالشمول شمائلاً ... ويخلفها بعد اللجين نضارها .
بأطيب عرفاً من ثنائي على الذي ... له من نفيسات المعالي خيارها .
له همةٌ فوق السماء قرارها ... ومكرمةٌ بذل النوال شعارها .
حمى ملة الإسلام بحر علومه ... وزان فمنه سورها وسوارها .
فكم حل إِشكالاً عقده ... ..................... .
وكم قهر النظار في حومة الوغى ... ببيض علومٍ لا يفلّ غرارها .
فليس فتىً إلا عليّ وسيفه ... يصان به من ذي الفقار فقارها