ولست أسائل عينيك بي ... ولكن بعهد الرضى ما فعل .
وقد كنت جاريت تلك الجفون ... إلى الموت بين المنى والعلل .
ومنه قوله وهي طويلة يرثي بها ابن اليناقي وقد قتل غيلة : .
خذا حدثاني عن فلٍ وفلان ... لعلّي أرى باقٍ على الحدثان .
وعن دولٍ جسن الديار وأهلها ... فنين وصرف الدهر ليس بفان .
وعن هرمي مصر الغداة أمتعا ... بشرخ شبابٍ أم هما هرمان .
وعن نخلتي حلوان كيف تناءتا ... ولم يطويا كشحاً على شنآن .
وطال ثواء الفرقدين بغبطةٍ ... أما علما أن سوف يفترقان .
وزايل بين الشعريين تصرفٌ ... من الدهر لا وانٍ ولا متوان .
فإن تذهب الشعرى العبور لشأنها ... فإن الغميصا في بقية شان .
وجنّ سهيلٌ بالثريا جنونه ... ولكن سلاه كيف يلتقيان .
وهيهات من جور القضاء وعدله ... شآميةٌ ألوت بدين يمان .
فأزمع عنها آخر الدهر سلوةً ... على طمعٍ خلاه للدبران .
وأعلن صرف الدهر لابني نويرةٍ ... بيوم تناءٍ غال كلّ تدان .
وكانا كندماني جذيمة حقبةً ... من الدهر لو لم ينصرم لأوان .
فهان دمٌ بين الدكادك واللوى ... وما كان في أمثالها بمهان .
وضاعت دموعٌ بات يبعثها الأسى ... يهيجها قبرٌ بكل مكان .
ومال على عبسٍ وذبيان ميلةً ... فأودى بمجنيٍّ عليه وجان .
فعوجا على جفر الهباءة فاعجبا ... لضيعة أعلاقٍ هناك ثمان .
دماءٌ جرت منها التلاع بمثلها ... ولا ذحل إلا أن جرى فرسان .
وأيم حربٍ لا ينادى وليدها ... أهاب بها في الحيّ يوم رهان .
فآب الربيع والبلاد تهره ... ولا مثل مودٍ من وراء عمان .
وأنحى على ابني وائلٍ فتهاصرا ... غصون الردى من كزّةٍ ولدان .
تعاطى كليبٌ فاستمر بطعنةٍ ... أقامت لها الأبطال سوق طعان .
وبات عديٌ بالذنائب يصطلي ... بنار وغىً ليست بذات دخان .
فدلت رقابٌ من رجالٍ أغرّةٍ ... إليهم تناهى عز كل زمان .
وهبوا يلاقون الصوارم والقنا ... بكل جبينٍ واضحٍ ولسان .
فلا خدّ إلا فيه خدّ مهندٍ ... ولا صدر إلا فيه صدر سنان .
وصال على الجونين بالشعب فانثنى ... بأسلاب مطلولٍ وربقة عان .
وأمضى على أبناء قيلة حكمه ... على شرسٍ أدلوا به وليان .
وأيّ قبيلٍ لم يصدّع جميعهم ... ببكرٍ من الأرزاء أو بعوان .
خليليّ أبصرت الردى وسمعته ... فإن كنتما في مريةٍ فسلاني .
ولا تعداني أن أعيش إلى غدٍ ... لعل المنايا دون ما تعداني .
ونبهني ناعٍ مع الصبح كلما ... تشاغلت عنه عنّ لي وعناني .
أغمض أجفاني كأني نائمٌ ... وقد لجت الأحشاء في الخفقان .
أبا حسنٍ أم أخوك فقد مضى ... فوا لهف نفسي ما التقى أخوان .
أبا حسنٍ إحدى يديك رزئتها ... فهل لك بالصبر الجميل يدان .
أبا حسنٍ ألق السلاح فإنها ... منايا وإن قال الجهول أماني .
أبا حسنٍ هل يدفع المرء حينه ... بأيد شجاع أو بكيد جبان .
توقّوه شيئاً ثم كروا وجعجعوا ... بأروع فضفاض الرداء هجان .
أخي فتكاتٍ لا يزال يجيبها ... بحزم معينٍ أو بعزم معان .
رأى كلّ ما يستعظم الناس دونه ... فولّى غنياً عنه أو متغاني .
قليل حديث النفس عما يروعه ... وإن لم يزل من ظنه بمكان .
أبيٌّ وإن يتبع رضاه فمصحبٌ ... بعيدٌ وإن يطلب جداه فدان