هل تذكرين ليالياً بتنا بها ... لا أنت باخلةٌ ولا أنا أقنع .
قلت : قد مر في ترجمة إبراهيم بن خفاجة ما يشبه هذين البيتين فليطلب في مكانه . ومنه : .
مللت حمص وملتني فلو نطقت ... كما نطقت تجارينا على قدر .
وسولت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى منه في الغدر .
هيهات بل ربما كان الرحيل عناً ... بالمال أحيي به فقراً من العمر .
كم ساهرٍ يستطيل الليل من دنفٍ ... لم يدر أن الردى آتٍ مع السحر .
أما اشتفت مني الأيام في وطني ... حتى تضايق فيما عنّ عن وطري .
ولا قضت من سواد العين حاجتها ... حتى تكرّ على ما كان في الشعر .
قلت : شعر جيد وحمص هنا هي إشبيلية لأن أهل حمص لما دخلوا المغرب استوطنوها . ومن شعره يمدح بعض الوزراء : .
أعد نظراً في روضتي ذلك الخدّ ... فإني أخاف الياسمين على الورد .
وخذ لهما دمعي وعللهما به ... فإن دموعي لا تعيد ولا تبدي .
وإلا ففي كأس المدامة بلغةٌ ... تقوم مقام الريّ عندك أو عندي .
وفي ريقك المعسول لو أن روضةً ... تعلل بالكافور والمسك والشهد .
وماء شبابي كان أعذب مورداً ... لو أنّ الليالي لم تزاحمك في الورد .
أمنك الخيال الطارقي كل ليلةٍ ... على مثل حد السيف أو طرة البرد .
منى ؟ ً ؟ لا أبالي أن تكون كواذباً ... فتفنى ولكن المدار على وجدي .
يباري إليّ الليل لو أن شافعاً ... من النوم أو لولا رقيب من السهد .
تعلم مني كيف ينعم بالهوى ... ويشقى فهلا كيف يبقى على العهد .
يهون عليّ الوصل ما دام نازحاً ... وأسرع شيء حين يدنو إلى الصدّ .
وليلة وافاني وقد ملت ميلةً ... وكنت أنا والنجم بتنا على وعد .
ألم فحيا بين رقبي ورقةٍ ... ولا شيء أحل من دنوٍّ على بعد .
وقد رابه لمحٌ من الليل في الدجى ... كما لاح وسم الشيب في الشعر الجعد .
رأى أدمعي حمراً وشيبي ناصعاً ... وفرط نحولي واصفراري على خدي .
فود لو أني عقده أو وشاحه ... وإن لم يطق حمل الوشاح ولا العقد .
ألم فأعداني ضناه وسهده ... وقد كان هذا الشوق أولى بأن يعدي .
وولى فلا تسأل بحالي بعده ... ولكن سل الأيام عن حاله بعدي .
تفاوت قومي في الحظوظ وسبلها ... فمكدٍ على حرصٍ ومثرٍ على زهد .
وأما أنا والحضرميّ فإننا ... قسمنا المعالي بين غور إلى نجد .
فأبت أنا بالشعر أحمي لواءه ... وآب ابن عيسى بالسيادة والمجد .
فتىً لا يبالي فوز من فاز بالعلى ... إذا امتلأت كفا يديه من الحمد .
ومنه قوله : .
وبديع الأوصاف كالشمس كالدم ... ية كالغصن كالقنا كالريم .
سكريّ اللمى وضيء المحيا ... يستخفّ النفوس قبل الجسوم .
متهدٍّ إلى الحلوم بلحظٍ ... ربما كان ضلةً للحلوم .
ما يبالي من بات يلهو به إن ... لم ينل ملك فارسٍ والروم .
قمت أسقيه من لمى ثغره العذ ... ب على صحن خدّه المرقوم .
بين ليلٍ كخضرة الروض في اللو ... ن وصبحٍ كعرفه في الشميم .
وكأن النجوم في غبش الصب ... ح وقد لفَّها فرادى بتوم .
أعين العاشقين أدهشها البي ... ن فأغضت بين الضنى والوجوم .
ومنه : .
أما والهوى وهو إحدى الملل ... لقد مال قدّك حتى اعتدل .
وأشرق وجهك للعاذلات ... حتى رأت كيف يعصى العذل .
ولم أر أفتك من مقلتيه ... على أن لي خبرةً بالمقل .
كحلتهما بهوى قاتلٍ ... وقلت الردى حيلة في الكحل .
وإني وإن كنت ذا غفلةٍ ... لأعلم كيف تكون الحيل