إذا تحققتم ما عند عبدكم ... من الغرام فذاك القدر يكفيه .
أنتم سكنتم فؤادي وهو منزلكم ... وصاحب البيت أدري بالذي فيه .
وقد مدحه ابن سناء الملك بقصيدة أولها : .
على خاطري يا شغله منك أشغال ... وفي ناظري يا نوره منك تمثال .
وفي كبدي من نار خدك شعلة ... وموضع ما أخليت منا هو الخال .
منها في المدح : .
جنى عسل الفتح المبين برمحه ... ولا غرو أن اسم الرديني عسال .
له صولة الريبال في مايس القنا ... ولا ريب أن ابن الغصنفر ريبال .
إذا صال في يوم النزال تفصلت ... لا عدايه بالرعب والذعر أوصال .
ومن حلم الكامل ما حكاه صاحب كتاب الأشعار بما للملوك من النوادر والأشعار فإنه حكى أن بعض خواصه كان قد صار بحيث يبدو من فلتات لسانه كلمات فيها غلظة في حق الملك الكامل ودام على ذلك إلى أن مات ذلك الشخص فلما مات قال لبعض ثقاته امض إليه بسرعة وأتني بما في كمرانه وأتي بشيء مثل الذرور فاحضر الطبيب وقال بمحضر من خواصه ما هذا فقال سم فقال لأصحابه لهذا مع هذا الشخص ثلاث سنين يترقب أن يجعل منه وأنا أعلم به وما أحببت أن أفضحه وكان ليلة جالساً فدخل عليه مظفر الأعمى فقال له أجز يا مظفر وأنشد : .
قد بلغ الشوق منهاه .
فقال مظفر : وما دري العاذلون ما هو قال السلطان : ولي حبيب رأى هواني فقال مظفر : وما تغيرت عن هواه فقال السلطان : رياضة النفس في احتمالي فقال مظفر : وروضة الحسن في حلاه فقال السلطان : اسمر لدن القوام المى فقال مظفر : يعشقه كل من يراه فقال السلطان : ريقته كلها مدام فقال مظفر : ختامها المسك من لماه فقال السلطان : ليلته كلها رقاد فقال مظفر : وليلتي كلها انتباه فقال السلطان : وما يرى ان يهين عبداً فسكت مظفر ساعة فقام وقال .
بالملك الكامل احتماه .
وكانت في يد الكامل ورقة يكتب فيها من ينظمانه فألقاها من يده إلى الزين الدمياطي أمره أن يكتب لئلا يكتب مديحه بيده قال مظفر فقلت : .
العالم العامل الذي ... في كل حلاه ترى أباه .
ليث وغيث وبدرتم ... ومنصب جل مرتقاه .
ولما استرد الكامل دمياط من الفرنج وطلبوا منه الأمان أرسل إليهم ابنه الصالح أيوب وابن أخيه شمس الملوك وجاءت ملوك الفرنج إلى الكامل فالتقاهم وأنعم عليهم وضرب لهم الخيام ووصل الأشرف موسى والمعظم عيسى في تلك الحالة إلى المنصورة في ثالث شهر رجب سنة ثمان عشرة وست مائة فجلس الكامل مجلساً عظيماً في خيمة كبيرة عالية ومد سماطاً عظيماً وأحضر ملوك الفرنج والخيالة ووقف أخواه الأشرف والمعظم في خدمته وقام راجح الحلى الشاعر وأنشد قوله : .
هنيئاً فإن السعد راح مخلداً ... وقد أنجز الرحمن بالنصر موعدا .
حبانا إله الخلق فتحاً بدا لها ... مبيناً وأنعاماً وعزاً مؤبدا .
تهلل وجه الدهر بعد قطوبه ... وأصبح وجه الشرك بالظلم أسودا .
ولما طغى البحر الخضم بأهله ال ... طغاة وأضحى بالمراكب مربدا .
أقم لهذا الدين من سل عزمه ... صقيلاً كما سل الحسام المهندا .
فلم ينج إلا كل شلو مجدل ... ثوى منهم أو من تراه مقيدا .
ونادى لسان الكون في الأرض رافعاً ... عقيرته في الخافقين ومنشدا .
أعباد عيسى أن عيسى وحزبه ... وموسى جميعاً ينصران محمدا .
وأشار عند قوله عيسى إلى عيسى المعظم وعند قوله موسى إلى الأشرف موسى وعند وقله محمد إلى الكامل محمد قال الأمير سيف الدين ابن اللمطي : كبت بعض المغاربة إلى الملك الكامل رقعة في ورقة بيضاء إن قرئت في ضوء السراج كانت فضية وإن قرئت في الشمس كانت ذهبية وإن قرئت في الظل كانت حبراً أسود فيها هذه الأبيات .
لئن صدني البحر عن موطني ... وعيني بأشواقها ساهره .
فقد زخرف الله لي مكة ... بأنوار كعبته الزاهره .
وزخرف لي بالنبي يثرباً ... وبالملك الكامل القاهره .
قال الأمير سيف الدين ابن اللمطي فقال الملك الكامل قل