وليلة من ليالي الأنس بت بها ... والروض ما بين منظوم ومنضود .
والنَّسر قد حام في الظلماء من ظمإ ... وللمجرة نهر غير مورود .
وابن الغزالة فوق النجم منعطفٌ ... كما تأود عرجون بعنقود .
وقال في شجرة نارنج : .
ومائسةٍ تزهو وقد خلع الحيا ... عليها حلى حمراً وأرديةً خضرا .
يذوب لهها ريق الغمامة فضةً ... ويجمد في أعطافها ذهباً نضرا .
وقال : .
والليل يقصر خطوه ولربما ... طالت ليالي الركب وهي قصار .
قد شاب من طوق المجرة مفرق ... فيها ومن خط الهلال عذار .
هذا الوصف : .
وأرعن طماح الذؤابة باذخ ... يطاول أعنان السماء بغارب .
يسد مهب الريح عن كل وجهة ... ويزحم ليلاً شهبه بالمناكب .
وقور على ظهر الفلاة كأنه ... طوال الليالي مفكر في العواقب .
يلوث عليه الغيم سود عمائم ... لها من وميض البرق حمر ذوائب .
أصخت إليه وهو أخرس صامت ... فحدثني ليل السرى بالعجائب .
وقال : ألا كم كنت ملجأ قاتل ... وموطن أواه تبتل تائب .
وكم مر بي من مدلج ومؤوب ... وقال بظلي من مطي وراكب .
ولا طم من نكب الرياح معاطفي ... وزاحم من خضر البحار جوانبي .
فما كان إلا أن طوتهم يد الردى ... وطارت بهم ريح النوى والنوائب .
فما خفق أيكي غير رجفة أضلع ... ولا نوح ورقي غير صرخة نادب .
وقال يصف خيريّةً : .
وخِيريّةٍ بين النسيم وبينها ... حديث إذا جن الظلام يطيب .
لها نفس يسري مع الليل عاطر ... كأن له سراً هناك يريب .
يهب مع الإمساء حتى كأنما ... له خلف أستار الظلام حبيب .
ومنه قوله يصف ليلاً وما اشتمل عليه : .
وليل تقلدنا البوارق تحته ... سيوفاً لها بيض النجوم قبائع .
وقد محت الأشخاص فيه يد الدجا ... فما تعرف الأقوام إلا اللوامع .
على حين تسري والسيوف كمائن ... ولا غير إذ إن الجياد طلائع .
ومنه قوله : .
بهواك أو بلماك ليلة منعج ... والدهر يهجع والنوى لا تفجع .
أفهل ترى الأيام عهداً باللوى ... لا الحلم يزجرني ولا أنا أسمع .
أم هل يغيرك من عناقٍ ليلةً ... لا الحلم يزجرني ولا أنا أسمع .
قلت : أظنه عارض بهذا قول أبي العباس أحمد بن عبد الله الأعيمي التطيلي وهو : .
بحياة عصياني عليك عواذلي ... إن كانت القربات عندك تنفع .
هل تذكرين ليالياً بتنا بها ... لا أنت باخلة ولا أنا أقنع .
؟ البندنيجي الكاتب .
إبراهيم بن الفرج البندنيجي الكاتب كان في أيام الواثق وبقي إلى أيام المعتمد وهو القائل في غلام التحى : .
ما زلت تمطلنا بوعدك ... حتى أتاك كتاب عزلك .
فانظر إلى منشوره ... في الخد يخبرنا بذلك .
لا تظهرن تجلداً ... فالشعر فيه هلاك مثلك .
وقال في عبيد الله بن عبد الله بن طاهر عند توليه الإمارة وهو حدث : .
وافاه عند سواد الرأس سودده ... كما يوافي مع الميقات مقدور .
فوفره بين أيدي العرف منتهبٌ ... وعرضه عن لسان الذم موفور .
وقال يمدح الوليد بن احمد بن أبي داود : .
بأبي الوليد تولدت بدع الندى ... وورت زناد المجد عن إصلاد .
كهل المروة والتجارب والحجى ... وفتى الندى والباس والميلاد .
في سن مقتبلٍ ورأي مجربٍ ... وكريم محتنكٍ وبذل جواد .
أبو نصر البأآر