محمد بن ناصر بن محمد بن علي بن عمر الحافظ أبو الفضل السلامي تفقه للشافعي وقرأ اللغة والأدب على الخطيب التبريزي قال تلميذه أبو الفرج ابن الجوزي : كان حافظاً متقناً ضابطاً ثقة من أهل السنة لا مغمز فيه صنف التصانيف وتوفي سنة خمسين وخمس مائة وخطه في غاية الإتقان والصحة توفي والده وهو صغير فكلفه جده لأمه أبو حكيم الخبري الفرضي وأسمعه في صباه شيئاً من الحديث وشغله بحفظ القرآن والتفقه على مذهب الشافعي ثم إنه صحب الخطيب التبريزي اللغوي وقرأ عليه الأدب ومهر وجد في طلب الحديث فسمع من مشايخ وقته وصاحب أبا منصور الجواليقي في قراءة الأدب وسماع الحديث ولازم أبا الحسين ابن الطيوري وسمع منه كثيراً ثم إنه خالط الحنابلة ومال إليهم وانتقل عن مذهب الشافعي إلى مذهب ابن حنبل لمنام رآه ذكره محب الدين ابن النجار في تاريخه وذكر أشياخه الذين روى عنهم وكان من المكثرين حدث بأكثر مسموعاته وكانت له إجازات قديمة من جماعة من الشيوخ كابن النقور والصريفيني وابن ماكولا وغيرهم من الغرباء أخذها له ابن ماكولا في رحلته إلى البلاد ولابن ناصر كتاب المأخذ على أبي عبيد الهروي في كتاب الغريبين مجلد قال ياقوت في معجم الأدباء : وكان مع علمه بالحديث ورجاله جيد المعرفة بالأدب صحيح الخط غاية في إتقان الضبط ثبتاً إماماً إلا أنه كان وقاعة في العلماء مغرى بالمثالب وكان هو والشيخ أبو منصور موهوب ابن الجواليقي يقرآن على أبي زكرياء التبريزي وكان أبو منصور يطلب الحديث وابن ناصر يطلب اللغة فقال لهما أبو زكرياء : سيقع المر بالعكس فتصير أنت يا ابن ناصر محدثاً وتصير أنت يا أبا منصور لغوياً فكان الأمر على ما ذكره وكان ابن ناصر شافعياً ثم صار حنبلياً فبلغني أنه أعاد صلاته التي صلاها وهو شافعي منذ احتلم إلى أن تحنبل وأنه غسل جميع ما في منزله من آلة وفرش وثياب حتى جدار داره فقلت لبعض الحنابلة ببغداذ : ليت شعري لم فعل ذلك وأنتم تروون في كتبكم بأسانيدكم أن أبا عبد الله بن حنبل إمامكم قرأ على الشافعي وأنه كان يثني عليه إلى أن مات وأنه كان يستغفر له ويقول ما عرفنا تأويل الأحاديث حتى ورد هذا الحجازي وأنه مشى إلى جنب بغلة الشافعي إلى غير ذلك ؟ فقال : إنما فعل ذلك لأجل ما كان يعتقده من مذهب الأشعري فقلت : وما صنع الأشعري حتى يستحق معتقد مذهبه أن يفعل المنتقل عنه مثل هذا ؟ فقال : إنه كان لا يقول بالحرف والصوت وهي بدعة فقلت له : أوتزعم أن القول بالحرف والصوت ليس ببدعة ؟ قال : نعم قلت : محال لأنه لم يرد عن النبي A ولا أحد من الصحابة والتابعين أنه قال به وأصل البدعة قول محدث لم يقل به الحد الأول فإن زعمت أن الأشعري ابتدع هذا القول فهو يزعم أنكم ابتدعتم هذا القول وليس ههنا ترجيح صرتم إليه أولى بالحق منه بل الترجيح في حيزه لمعاضدة العقل إياه بالبديهة إلا أن تكابروا فإن كابرتم وأصدرتم ألزمتم أن تتبروا من البخاري ومسلم صاحبي الصحيحين فإنهما كانا يقولان مع كثير من عقلاء أصحاب الحديث لفظي بالقرآن مخلوق وهذا مشهور عنهما وخبرهما في ذلك متعارف لا يجهله إلا من لا خبرة له بأخبار الناس فلم يكن عنده غير السكوت وحكمت على الشيخ ابن ناصر بالجهل وقلة العقل والتصور وعظم التهور ومما بلغني من جهله وقلة عقله أنه أراد ذم أبي بكر الخطيب صاحب التاريخ فضاقت مسالك الذم عليه فقال : إنه كان فاسقاً يعشق والدي وكان والدي يلازم صحبته لذلك ويكثر فوائده فمن ههنا قيل عدو عاقل خير من صديق جاهل .
أبو منصور اليزدي .
محمد بن ناصر بن محمد بن أحمد بن هارون الصائغ الصراف أبو منصور من أهل يزد قدم بغداذ وهو في سن الشبيبة وأقام بها مدة يسمع ويكتب وينتخب ويعلق وكان خطه حسناً وله معرفة بالحديث والأدب ويقول الشعر قرأ القرآن على أبي منصور محمد بن أحمد بن عبد الرزاق الخياط وتفقه بالمدرسة النظامية على أبي سعد المتولي وسمع الكثير من أبي الحسن بن العلاف وأبي القاسم بن بيان وأبي علي بن نبهان وأمثالهم قال الحافظ ابن ناصر عنه كان فيه تساهل في الحديث وكان يصحف ومن شعره قوله : .
أرى عمراً في كل يوم وليلة ... يغيض وعيشاً فيهما يتنغص .
زيادة عمر المرء آفة نقصه ... فيا عجباً من زائد يتنقص