المذهب ولما مهر تعلق بالوزير عون الدين ابن هبيرة فولاه نظر البصرة ثم واسط فلما مات الوزير ضعف أمره فقدم دمشق سنة اثنتين وستين وتعرف بمدبر الدولة القاضي كمال الدين الشهرزوري واتصل بطريقة بنجم الدين أيوب والد السلطان صلاح الدين وكان يعرف عمه العزيز من تكريت فاستخدمه كمال الدين عند السلطان نور الدين الشهيد في الانشاء فجبن أولاً وكان ينشيء بالعجمية وترقت منزلته عند نور الدين وجهزه رسولاً إلى بغداد أيام المستنجد وفوض إليه تدريس المدرسة المعروفة بالعمادية بدمشق ورتبه في إشراف الديوان فلما مات نور الدين وقام ولده صويق من الذين حوله فسافر إلى العراق ولما بلغه وصول صلاح الدين إلى دمشق وأخذها عاد إلى الشام وصلاح الدين على حلب فمدحه ولزم ركابه إلى أن استكتبه ومال إليه واطلعه على سره وكان يضاهي الوزراء وإذا انقطع الفاضل بمصر لمصالح صلاح الدين قام مقامه ولم يزل كذلك إلى أن توفي صلاح الدين فاختلت أحواله ولم يجد ف يوجهه باباً مفتوحاً فلزم بيته وأقبل على التصنيف إلى أن توفي مسهل شهر رمضان سنة سبع وتسعين وخمس مائة ودفن بمقابر الصوفية بدمشق وكان بينه وبين القاضي الفاضل سنة في الوفاة ولعمري لقد كان ذا قدرة على النظم والنثر أكثر منهما وأرى أن شعره ألطف من نثره لإنه أكثر من الجناس فيه وبالغ حتى يعود كلامه كأنه ضرب من الرقي والعزائم وإنما لطف نظمه بالنسبة إلى نثره لإن الوزن كان يضايقه فلا يدعه يتمكن من الجناس وقد عاب الناس ممن له ذوق وفطرة سليمة كثرة التجنيس لإنه دليل التكلف وقالا كلما قل كان أحسن ورؤى كالطراز في الثوب والخال الواحد في الوجنة : .
والخد بهجته بخال واحد ... وتقل فيه بكثرة الخيلان .
وابن مرماه من مرمى القاضي الفاضل ويا بعد ما بين المنزعين ويا فرق ما بي الطريقين : .
إني رأيت البدر ثم رأيتها ... ماذا علي إذا عشقت الأحسنا