فعسى صروف الدهر تسعده ... فيحل نجداً وهو ذو سعد .
كان موجوداً بعد سنة ست وثلاثين وخمس مائة بحلة ابن مزيد .
قاضي القضاة ابن مسلم .
محمد بن مسلم بتشديد اللام بن مالك بن مزروع الزيني ثم الدمشقي الصالحي الحنبلي الزاهد الشيخ الإمام العالم المحدث الفقيه النحوي بركة الإسلام قاضي القضاة شمس الدين أبو عبد الله ولد سنة اثنتين وستين في صفر ومات أبوه وله ست سنين وكان ملاحاً في سوق الجبل وحفظ القرآن وتعلم الخياطة واشتغل وتفقه وسمع الكثير له حضور على ابن عبد الدائم وسمع من الشيخ شمس الدين وطبقته وخرج له ابن الفخر مشيخة في مجلد سمعها منه خلق وبرع في الفقه والعربية وتصدر لإقرائهما وتخرج به فضلاء لم يطلب تدريساً ولا فتيا ولا زاحم على الدنيا سمع الشيخ شمس الدين بقراءته الأجزاء وكان ربما يكتب الأسماء والطباق ويذاكر بقي مدة على الخزانة الضيائية فلما توفي القاضي تقي الدين سليمان عين للقضاء وأثني عليه عند السلطان بالعلم والنسك والسكينة فولاه القضاء فتوقف وطلع إليه الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى بيته وقوى عزمه ولامه فأجاب بشرط أن لا يركب بغله ولا يأتي موكباً فأجيب وكان ينزل إلى الجوزية ماشياً وربما ركب حمار المكاري وكان مئزره سجادته ودواة الحكم زجاجة واتخذ فرجية مقتصدة من صوف وكبر العمامة قليلاً فنهض بأعباء الحكم بعلم وحلم وقوة ورزانة وعمر الأوقاف وحاسب العمال وحرر الإسجالات وحمدت قضاياه ولازم الورع والتحري ولاطف العتاه وحكم إحدى عشرة سنة وشهد له أهل العلم والدين أنه من قضاة العدل وحج مرات وخرج له ابن سعد الأربعين المتباينة المسانيد وخرج له المزي تساعيات وخرج له شمس الدين جزءاً وأجاز له من مصر جماعة من أصحاب البوصيري وأوذي بالكلام لما انتصر لابن تيمية فتألم وكظم وسار للحج والمجاورة فمرض من العلى فلما قدم المدينة تحامل حتى وقف مسلماً على النبي A ثم أدخل إلى منزل فلما كان السحر توفي سنة ست وعشرين وسبع مائة ودفن بالبقيع وله أربع وستون سنة وأشهر .
الأنصاري الأشهلي .
محمد بن مسلمة الأنصاري الأشهلي حليفهم ومن الطبقة الأولى من الأنصار وأمه وأم سهم واسمه خليدة من الخزرج أسلم محمد بالمدينة على يدي مصعب بن عمير وذلك قبل الإسلام أسيد بن الحضير وسعد بن معاذ وآخى رسول الله A بينه وبين أبي عبيدة بن الجراح وشهد بدراً وأحداً والخندق والمشاهد كلها مع رسول الله A خلا تبوك لأن رسول الله A استخلفه على المدينة وثبت مع رسول الله A لما انهزم الناس وكان فيمن قتل كعب بن الأشرف قال ابن يونس : شهد فتح مصر وكان فيمن طلع الحصن مع الزبير بن العوام واختط بمصر ثم رجع إلى المدينة وقدم مرة أخرى مصر في مقاسمة عمرو بن العاص لما قاسم عمر العمال ورشاه عمرو بن العاص فلم يقبل وحكى أبو القاسم بن عساكر عن خليفة عن سفيان بن عيينة قال : قال عمر بن الخطاب Bه لمحمد بن مسلمة : كيف تراني يا محمد ؟ فقال : قوياً على جمع المال عفيفاً عنه عادلاً في القسمة ولو ملت عدلناك كما نعدل السهم في الثقاف فقال عمر : الحمد لله الذي جعلني في قوم إذا ملت عدلوني وقال الواقدي : بلغ عمر بن الخطاب أن سعد بن أبي وقاص بني قصراً بالكوفة فأرسل محمد بن مسلمة فحرق باب القصر بالنار وكان عمر إذا أراد شيئاً من هذه الأشياء بعث محمد بن مسلمة فيه وقال هشام : كان محمد من فضلاء الصحابة واعتزل الفتن ولم يشهد صفين ولا الجمل وأقام بالربذة واتخذ سيفاً من خشب وعلقه في الجفن في بيته وقال : أهيب به ذاعراً وكان رسول الله A أعطى محمد بن مسلمة سيفاً وقال : قاتل به المشركين ما قاتلوا فإذا رأيت المسلمين قد أقبل بعضهم على بعض فائت أحداً فاضربه به حتى تقطعه ثم اجلس في بيتك حتى تأتيك يد خاطئة أو منية قاضية وروى له البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه توفي سنة ثلاث أو اثنتين وأربعين بالربذة وقيل بالمدينة ودفن إلى جانب أبي ذر بالربذة .
أبو جعفر الطيالسي