وتوجه إلى حلب ثم إلى طرابلس وأقام بها مدة و...ثم عاد إلى دمشق وأقام بها مدة ثم توجه إلى مصر وحضر بين يدي السلطان الملك الناصر على الأهرام وولاه تدريس المدرسة الأمينية بدمشق وحضر إليها على البريد .
وهو مجموع متناسب الحسن أخلاقه حسنة وشكالته تامة مليحة ووجاهته رائعة المنظر .
جمع كتاب الأحكام وجوده في ست مجلدات وتناولته منه وأجازني رواية ما له تسميعه بديوان الإنشاء بدمشق في المحرم سنة اثنتين وأربعين وسبع مائة وتلا بالسبع على الكفري وسمع بمصر والإسكندرية وحلب وأمّ بدار الحديث ثم بمسجد الكنيسة ودرس بالقوصية .
الشيخ محمد الغزي محمد بن علي بن محمد شمس الدين أبو عبد الله المصري مولداً الغزي منشأ .
سألته عن مولده فقال : في سنة خمس وثمانين وست مائة اقام بغزة مدة وبدمشق مدة وبمصر وبصفد وحماة وحلب وخالط الناس وعاشر فيه خفة روح وكيس وظرف وينظم الشعر الجيد ويكتب الخط المنسوب ويعرف النجامة والأسطرلاب والرمل .
أنشدني غير مرة بدمشق وصفد وبالقاهرة وحماة جملة كثيرة من شعره ونادم الملك الأفضل صاحب حماة فيما أظن وقربه وأدناه وحنا عليه ورتب له الدراهم والخبز واللحم .
ومن شعره نقلته من خطه وأنشدنيه من لفظه : .
بأبي غزالٌٌ غزل هدب جفونه ... يكسو الضنى صباً أذيب بصده .
يروي حديث السقم جسم محبه ... عن جفنه عن خصره عن عهده .
وأنشدني ما نقلته من خطه له : .
ما رأى الناس قبل قامة حبي ... وعذاريه حول محمر خد .
غصناً أنبت البنفسج والآ ... س سياجاً على حديقة ورد .
وأنشدني له من لفظه ونقلته من خطه : .
ونيلٍ كم أنال منىً وأمناً ... وكم أهدى إلى سرٍ مسره .
تخال مراكباً تختال فيه ... نجوماً سائراتٍ في مجره .
وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت موالياً : .
عاينت من ذنب هجرو بالوفا مغفور ... في النهر يسبح وحظو بالبها موفور .
شبهت من فوق جسمو شعرو المضفور ... ألف من المسك في صفحه من الكافور .
وأنشدني من لفظه ومن خطه نقلت : .
باكر إلى رشف خمره تنعش المحرور ... مع من تحب وقلبك منشرح مسرور .
أما ترى الليل شمر ذيلو المجرور ... والورد بالطل فتح جيبو المزرور .
وأنشدني أيضاً ومن خطه نقلت : .
حبي الذي خالقو بالحسن قد مدوا ... حتى سما وتجاوز في الصفه حدو .
رمان نهدو عقد في غصن من قدو ... وما انطفا جلنارو الغض في خدو .
وأنشدني أيضاً ومن خطه نقلت : .
وهيفاء وطفاء فتانةٍ ... يلذ التهتك والوجد فيها .
إذا سكر الناس من خمرةٍ ... فسكري ما زال من خمر فيها .
وأنشدني أيضاً ومن خطه نقلت : .
انظر إلى تخييل أخياطها ... في كاسها يا أحسن الناس .
لو لم تكن شمساً لما أظهرت ... أشعةً في أفق الكاس .
وأنشدني أيضاً ومن خطه نقلت : .
أتشكى مع البعاد إليكم ... برقيق العتاب فرط اشتياقي .
فكأني الورقاء من فرقة الإلف تلهث بالسجع في الأوراق .
شمس الدين السروجي محمد بن علي بن ايبك السروجي الشيخ الإمام شمس الدين .
سألته عن مولده فقال : في ذي الحجة سنة أربع عشرة وسبع مائة بالديار المصرية : عرض القرآن وهو ابن تسع سنين وارتحل إلى دمشق وحلب وغيرها من بلاد الشام مرات وأخذ عن الشيخ فتح الدين والشيخ أثير الدين ومن عاصره من أشياخ العلم وصار من الحفاظ أتقن المتون وأسماء الرجال وطبقات الناس والوقائع والحوادث وضبط الوفيات والمواليد ومال إلى الأدب وحفظ من الشعر القديم والمحدث جملة وكتب الأجزاء والطباق وحصل ما يرويه عن أهل عصره في البلاد التي ارتحل إليها ولم أر بعد الشيخ فتح الدين C تعالى من يقرأ أسرع منه ولا أفصح .
وسألته عن أشياء من تراجم الناس ووفياتهم وأعصارهم وتصانيفهم فوجدته حفظة مستحضراً لا يغيب عنه ما حصله وهذا الذي رأيته منه في هذه السن القريبة كثير على من علت سنه من كبار العلماء ومع ذلك فله ذوق الأدباء وفهم الشعراء وخفة روح الظرفاء .
توفي C تعالى بحلب ليلة ثامن من شهر ربيع الأول سنة أربع وأربعين وسبع مائة ودفن ثاني يوم بكرة الجمعة