فبلغ ذلك القاضي ابن أبي دؤاد فقال : .
أحسن من تسعين بيتاً هجا ... جمعك معناهن في بيت .
ما أحوج الدنيا إلى مطرةٍ ... تغسل عنهم وضر الزيت .
وكان ابن الزيات قد اتخذ تنوراً من حديد وفيه مسامير أطرافها المحددة إلى داخل التنور وهي قائمة مثل رؤس المسال يعذب فيه المصادرين وأرباب الدواوين المطلوبين بالأموال فكيفما انقلب أحدهم أو تحرك من حرارة الضرب دخلت تلك المسال في جسمه فيجد لذلك ألماً عظيماً وكان إذا قال أحدهم : أيها الوزير ارحمني فيقول : الرحمة خور في الطبيعة فلما اعتقله المتوكل أدخله ذلك التنور وقيده بخمسة عشر رطلاًً من الحديد فقال : يا أمير المؤمنين ارحمني فقال : الرحمة خور في الطبيعة فطلب دواةً وقرطاساً فأخذ ذلك وكتب : .
هي السبيل فمن يومٍ إلى يوم ... كأنه ما تريك العين في النوم .
لا تجزعن رويداً إنها دولٌ ... دنيا تنقل من قوم إلى قوم .
وسيرها إلى المتوكل فاشتغل عنها ولم يقف عليها إلا في الغد فلما قرأها أمر بإخراجه فجاؤوا إليه فوجدوه ميتاً سنة ثلاث وثلاثين ومائتين وكانت إقامته في التنور أربعين يوماً ووجد قد كتب بالفحم على جانب التنور : .
من له عهدٌ بنومٍ ... يرشد الصب إليه .
رحم الله رحيماً ... دل عيني عليه .
سهرت عيني ونامت ... عين من هنت لديه .
وقال في التنور : .
سل ديار الحي من غيرها ... ومحاها وعفا منظرها .
وهل الدنيا إذا ما أقبلت ... صيرت معروفها منكرها .
إنما الدنيا كظلٍ زائلٍ ... نحمد الله كذا قدرها .
ولما توفي المعتصم تولى الأمر الواثق وكان قد حلف إن صار الأمر إليه لينكبن ابن الزيات فلما كتب الكتاب ما يتعلق بالبيعة لم يرضوه وكتب ابن الزيات فأرضاه فكفر عن يمينه وقال : المال عن اليمين فدية وعوض وليس عن ابن الزيات عوض فأقره على الوزارة كان في نفس المتوكل منه شيء كثير فلما ولي الخلافة خشي أن ينكبه عاجلاً فيستر أمواله فتفوته فأقره على الوزارة وجعل ابن أبي دؤاد يغريه ويحثه على القبض عليه فأمسكه وأودعه التنور كما تقدم فلم يجد من ضياعه وأملاكه وذخائره إلا ما قيمته مائة ألف دينار فندم على ذلك وقال لابن أبي دؤاد : أطمعتني في الباطل وحملتني على شخص لم أجد عنه عوضاً . وكان ابن الزيات من أئمة الأدب المتبحرين الذين دققوا النظر فيه وشعره جيد كثير وله ديوان رسائل . ومدحه البحتري بقصيدته الدالية التي منها : .
وأرى الخلق مجمعين على فض ... لك ما بين سيد ومسود .
عرف العالمون فضلك بالعل ... م وقال الجهال بالتقليد .
ولأبي تمام الطائي فيه مقطعات كثيرة يعبث به فيها منها : .
قالت فأين السراة قلت لها ... لا تسألي عنهم فقد ماتوا .
قالت ولم كان ذاك قلت لها ... هذا وزير الإمام زيات .
وكان ابن الزيات يقول بخلق القرآن .
الغزال محمد بن عبد الملك بن زنجويه الحافظ أبو بكر البغدادي الغزال صاحب الإمام أحمد وجاره . روى عنه الأربعة وإبراهيم الحربي ووثقه النسائي وغيره . وتوفي سنة ثمان وخمسين ومائتين .
الدقيقي محمد بن عبد الملك الدقيقي روى عنه أبو داود وابن ماجه وثقه الدارقطني . توفي سنة ست وستين ومائتين .
راوية بني أسد محمد بن عبد الملك الفقعسي أعرابي فصيح أدرك المنصور ومن بعده من الخلفاء إلى المأمون . وهو الذي يقول فيه : .
أمير المؤمنين عفوت حتى ... كأن الناس ليس لهم ذنوب .
وقال فيه أيضاً : .
إني وجدتك في جرثومةٍ فرعت ... مرعى قريشٍ إذا ما واصفٌ وصفا .
وأنت في هاشم في سر نبعتها ... بحيث حلت وسيطاً لم تكن طرفا .
وله من الكتب المصنفة كتاب مآثر بني أسد وأشعارها .
ابن صالح الهاشمي محمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله ابن العباس بن عبد المطلب . شاعر مشهور أديب كان ينزل أرض قنسرين وله مع المأمون خبر بقي إلى أيام المتوكل وجرت بينه وبين أبي تمام الطائي والبحتري مخاطبات .
وهو القائل يرد على أبي الأصبغ : .
أنا ابن آل الله في هاشمٍ ... حيث نمى خير وإحسان