قاضي القضاة عز الدين ابن الصايغ محمد بن عبد القادر بن عبد الخالق قاضي القضاة عز الدين أبو المفاخر الأنصاري الدمشقي الشافعي ابن الصايع ولد سنة ثمان وعشرين وسمع من أبي المنجا وابن الجميزي وابن خليل وتفقه في صباه على جماعة ولازم القاضي كمال الدين التفليسي وصار من أعيان أصحابه ولي تدريس الشامية مشاركاً للقاضي شمس الدين ابن المقدسي بعد فصول جرت فلما حضر الصاهب بهاء الدين ابن حنا استقل شمس الدين بالشامية وولي عز الدين وكالة بيت المال ورفع الصاحب من قدره ونوه بذكره ثم عمد إلى القاضي شمس الدين ابن خلكان فعزله بالقاضي عز الدين فباشر القضاء سنة تسع وستين فظهرت منه نهضة وشهامة وقيام في الحق وردء الباطل حفظ الأوقات وأموال الأيتام والشراف وأحبه الناس وأبغضه كل مريب وكان ينطوي على ديانة وورع وخوف من الله تعالى ومعرفة بالأحكام ولكنه له بادرة من التوبيخ والمحاققة واطراح الروساء الذين يدخلون في العدالة بالجاه فتعصبوا عليه وتتبعوا غلطاته وتغير الصاحب عليه ولم يمكنه عزله لأنه شكرمنه وبالغ في وصفه عند السلطان ودام في القضاء إلى أولى سنة سبع وسبعين فعزل وأعيد ابن خلطان وفرح بعزله خلق وبقي على تدريس العذراوية فلما قدم السلطان لغزوة حمص سنة ثمانين أعاده إلى القضاء فعاد إلى عادته من إقامة الشرع وإسقاط الشهود المطعون فيهم والغض من الأعيان فسعوا فيه وأتقنوا قضيته فلما قدم السلطان سنة اثنتين وثمانين سعوا فيها وجاءه رسول إلى الجامع وقد جاء لصلاة الجمعة فأخذه الأفرعي فقال له المشد بدر الدين الأقرعي : أمر السلطان أن تجلس في مسجد الخيالة ففعل ولم يمكن من صلاة الجمعة وأثبت عليه محضر عند تاج الدين عبد القادر السنجاري بحلب بمبلغ ماية ألف دينار من جهة الشرف ابن الاسكاف كاتب الخادم ريحان الخليفتي ثم نبغ آخر وزعم أن عنده حياصة مجوهرة وعصابة بقيمة خمسة وعشرين ألف دينار كانت عند العماد ابن محيي الدين بن العربي للملك الصالح اسمعيل صاحب حمص ثم قالوا إن ناصر الدين ابن ملك الأمراء عز الدين أيدمر أودع عنده مبلغاً كثيراً وجرت له أمور وعقد له مجلس ونكل بعض الغرماء ورجع بعض الشهود وعلم بطلان ذلك وأن ابن السنجاري عدوه ولم يثبت عليه شيء فأمر السلطان بإطلاقه مكرماً ونزل من القلعة إلى شيخ دار الحديث وعطف إلى ملك الأمراء حسام الدين لاجين وسلم عليه بدار السعادة ثم مضى إلى دار القاضي بهاء الدين ابن الزكي الذي ولي مكانه بعده وسلم عليه وأقام بمنزله بدرب النقاضة وطلع بعد أيام إلى بستانه بحميص وبه مات سنة ثلث وثمانين وست ماية وكان لا يفصح بالراء .
ابن عبد القاهر .
ناصر الدين ابن النشابي محمد بن عبد القاهر بن أبي بكر ابن عبد الله القاضي ناصر الدين ابن القاضي تقي الدين المعروف بالنشابي هو أحد كتاب الإنشاء السلطاني يكتب جيداً وينظم وينثر وهو أحد أعيان كتاب الإنشاء المتقدمين عند صاحب الديوان ساكن محتشم مهذب الأخلاق مفرط الحياء حسن التودد والصحبة سألته عن مولده فقال : في يوم الأربعاء تاسع ي القعدة سنة ثمان عشرة وسبع ماية قرأ العربية والعروض والمعاني والبيان رتب كاتباً بين يدي الوزير نجم الدين محمود بن شروين هو وناصر الدين ابن البرلسي مدة وزارته الأولى والثانية وجهز صحبة الأمير بدر الدين جنكلي بن البابا لما توجه لحصار الكرك فأعجبه تأتيه وشكره وأثنى عليه وهو ممن يكتب المهمات في الديوان من أجوبة البريد والإنشاء وعلى الجملة فأعجبتني حركاته وسكناته وما يأتيه وما يذره ثم إنه في دولة الملك الناصر حسن رتب في جملة موقعي الدست الشريف واختص بخدمة الأمير سيف الدين شيخو إلى أن أمسك وأول ما رآني في الديوان بالقاهرة كتب إلي وأنا بين الجماعة قد حضرت مطلوباً من الشام إلى مصر في الأيام الصالحية ورتبت من جملة كتاب الإنشاء : .
بشراك يا مصر بمولى زكى ... فقد تشرفت به من نزيل .
وصرت قدساً بخليل أتى ... فحبذا القدس إذاً والخليل .
فكتبت جوابه ارتجالاً وأنا بينهم : .
مولاي قد شرفت قدري بما ... نظمته من حسن لفظ جميل .
ونقطة الخاء غدت تحتها ... فها أنا بعد خليل جليل .
وكتبت إليه ملغزاً في عيد : .
يا كاتباً بفضله ... كل أديب يشهد