يا من لها من الحسِ عبلةُ عبدةٌ ... رقّي عليَّ فليسَ قلبي عنترا .
غادَرتِنِي والصَّبرُ مشدودُ الوِكا ... وغدرتِ بي والدَّمعُ محلولُ العُرا .
وجعلت قلبي بالهمومِ مُزمَّلاً ... إذ كان طرفك بالفتورِ مُدثَّرا .
وفتحت أبواب السُّهادِ لناظري ... وجعلت ليلِي بالهموم مُسمَّرا .
فمتى أَقولُ جوانحي بك قد هَدت ... ومدامِعي رجَعت عليك إِلى وَرا .
وقال : .
يا ليلةَ الوصلِ بَل ليلةَ العُمُر ... أَحسنتِ إلاَّ إلى المشتاق في القِصَرِ .
يا ليتَ زيد بحكم الوصلِ فيكِ له ... ما طوّل الهجرُ من أيَّامه الأُخَر .
أوليتَ نَجمَكِ لم تُعقَل ركائبهُ ... أَوليتَ صُبحِكِ لم يَقدَم من السَّفَر .
أو ليتَ لم يَصفُ فيك الشَّرقُ من عَبَسٍ ... فذلك الصَّفوُ عندي غَايَةُ الكَدَر .
أو ليتَ كُلاًّ من الشَّرقين ما ابتَسما ... أَوليتَ كُلاًّ من النَّسرين لم يَطِر .
أَو ليت كنتِ كما قَد قال بعضُهُمُ ... ليلَ الضريرِ فَصُبحي غيرُ مُنتَظَر .
أو ليتَ حُطَّ على الأفلاكِ قاطبةً ... همِّي عليكِ فلم تَنهَض ولم تَسر .
أو ليتَ فجرِك مفتَرّ به رَشِئي ... أو ليتَ شمسِكِ ما غَارت على قَمرِي .
أو ليتَ قَلبي وطَرفِي تَحتَ مُلكِ يدي ... فَزِدتُّ فيك سوادَ القلبِ والبَصَر .
أو ليتَ أَلقى حبيبي سِحرَ مُقلتِه ... على العِشاءِ فأَبقَاها بِلاَ سَحَر .
أو ليتَ كان يُفدي مَن كَلِقتُ به ... درُّ النجومِ بِما في العِقِد من دُرَر .
أو ليت كنتِ سأَلتِيه مساعدةً ... فكان يَحبوكِ بالتَّكحِيل والشعَر .
أو ليتَ جُملةَ عُمرِي لو غَدا ثَمَناً ... في البعضِ منكِ ومَن لِلعُمي بالعَوَر .
كأَنَهَّا حين ولَّت قمتُ أجذِبُها ... فانقدَّ في الشَّرقِ عَنها الثوبُ من دُبُر .
لا مَرحباً بصباحٍ جاءَني بَدَلاً ... من غُرَّة النجمِ أَو مِن طَلعَة القَمَر .
زار الحبيبُ وقَد قالت له خُدعِي ... زُره وقال له الواشُون لا تَزُر .
فجاءَ والخَطوُ في رَيبٍ وفي عَجلٍ ... كقلبِه جَاءَ في أَمنٍ وفي حَذَر .
كأَنَّه كانَ من تخفيفِ خطوَتِهِ ... يَمشي على الجَمرِ أَو يَسعى عَلى الإبَر .
وقال إِذ قلتُ ما أَحلَى تَخَفُّرَه ... تبرَّجَ الحُسن فِ خدِّي مِن الخَفَر .
يا أخضرَ اللَّون طابَت رائحةٌ ... وغبتَ عنَّا فما أبقيتَ للخضر .
فقام يَكسِرُ أَجفاناً مَلاحتُها ... تُعزَى إِلى الحُورِ دَعْ تُعزَى إِلى الحَوَر .
وقمتُ أَسألُ قلبي عن مَسرتِه ... بما حواهُ وعندي أَكثرُ الخَبر .
وبتُّ أَحسِب أَنَّ الطَّيفَ ضَاجَعني ... حتَّى رجَعت أشهى الظَّنَّ في السَّهر .
أَوردتُ صدريَ صَدراً من مُعانقةٍ ... وحينَ أَوردتُ لم أَقدر عَلَى الصَّدَر .
وكان يَمنَعني ضمّاً ورَشفَ لَمَىً ... ضَعفٌ من الخَصرِ أَو فَرطٌ من الخَصر .
وكدتُ أَغنَى بذاك الرِّيق من فمِه ... ومنطقٍ منه عَن كَأس وعن وَتَر .
وبتُّ أشفقُ من أَنفاسِه حَذِراً ... من أَن يعود عِشاءُ اللَّيلِ كَالسَّحر .
ومرَّ يسبقُ دَمعي وهوَ يَلحَقه ... كالسَّيل شُيِّع في مَجراهُ بالمَطَر .
وقال : .
يا قلبُ ويحك إِنَّ ظبيكَ قد سنَح ... قتَنَحَّ جُهدك عن مَراتِعه تَنَحْ .
وأَرَدتُ أَعقله ففرَّ من الحَشَا ... طرباً وأَحبسُه فطار من الفَرح .
وأَتى فظَل صريعَ هَذاك اللَّمى ... عَطَشاً وعاد قتيلَ هاتيك المُلَح