النعمان بن ثابت بن زوُطَى بضم الزاي وسكون الواو وفتح الطاء المهملة وبعدها ألف مقصورة اسم نبطيٌّ ابن ماه الإمام العلَم الكوفي الفقيه مولى بني تَميمِ الله بنِ ثعلبة ولد سنة ثمانين من الهجرة وتوفي في نصف شوال وقيل في رجب وقيل في شعبان سنة خمسين ومائة ورأى أنس بن مالك غير مرة بالكوفة قاله بن سعد . وروى أبو حنيفة Bه عن عطاء بن أبي رَباح وقال : ما رأيت أفضل منه وعن عطية العَوفي ونافعٍ وسلمَة بن كُهيلٍ وأبي جعفر الباقر وعدي بن ثابتٍ وقَتادة وعبد الرحمن بن هُرمز الأعرج وعمرو بن دينار ومنصور وأبي الزبير وحماد بن أبي سليمان وعدد كثير وتفقه بحماد وغيره وبرع وساد في الرأي أهل زمانه في الفقه والتفريع للمسائل وتصدر للإشغال وتخرج به الأصحاب فمن تلامذته : زُفر بن الهُذيل العنبري والقاضي أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم الأنصاري قاضي القضاة ونوح بن أبي مريم المروزي وأبو مطيع الحَكَم بن عبد الله البلخي والحسن بن زياد اللؤلؤي وأسد الدين بن عمرو ومحمد بن السن وحماد بن أبي حنيفة وخلقٌ وكان خزازاً يُنفق من كيسه ولا يقبل جوائز السلطان توّرعاً وله دار وضِياعٌ ومعاش متسع وكان معدوداً في الأجواد الأسخياء الألبّاء الأذكياء مع الدين والعبادة والتهجّ وكثرة التلاوة وقيام الليل Bه قال الشافعي : الناس في الفقه عيالٌ على أبي حنيفة قال ابن معين : ثقة وقيل قال : لا بأس به لم يُتهم بكذبٍ ضربه يزيد بن هبيرة على القضاء فأبى قال أبو يوسف : قال أبو حنيفة : عِلمُنا هذا رأيٌ وهو أحسن ما قدرنا عليه فمن جاءنا بأحسنَ منه قبلناه وقيل : صلى بوضوء عشاء الآخرة الصبح أربعين سنة وختم القرآن في ركعة وقال له رجل : إني وضعت كتاباً على خطك إلى فلان فوهب لي أربعة آلاف درهم فقال : إن كنتم تنتفعون بهذا فافعلوه وقيل إنه ختم القرآن في الموضع الذي مات فيه سبعة آلاف مرّة وردد ليلةً كاملةً قوله تعالى : " بلِ الساعةُ موعِدهم والساعةُ أدهى وأمرُّ " وروى نوح الجامع أنه سمع أبا حنيفة يقول : ما جاء عن رسول A فعلى الرأس والعين وما جاء عن الصحابة اخترنا وما كان غير ذلك فهم رجال ونحن رجالٌ وقال وكيع : سمعت أبا حنيفة يقول : البّولُ في النمسجد أحسن من بعض القياس وقال ابن حزم : جميع الحنفية مجمعون على أنّ مذهب أبي حنيفة ضعيف الحديث عنده أولى من القياس والرأي وقال يحيى القطان : لا نكذب الله ما سمعنا أحسنَ من رأي أبي حنيفة وقد أخذنا أكثر أقواله ونقل المنصور أبا حنيفة من الكوفة إلى بغداد وأراده على القضاء فأبى فحلف عليه ليَفعلنّ فحلف أبو حنيفة أن لا يفعل فقال الربيع : ألا ترى أمير المؤمنين يحلِف فقال أبو حنيفة : أمير المؤمنين أقدَرُ مني على كفّارة اليمين وأبى الولاية فأمر بحبسه في الوقت وقيل إنه قال له : اتقِ الله ولا ترعى في أمانتك إلا من يخاف الله واللهِ ما أنا مأمون الرضى فكيف أكون مأمون الغضب ؟ ولو اتجه الحُكم عليك ثمّ تهدّدَتني أن تغرِّقني في الفرات أو أَلِىَ الحُكم لا خترتُ أن أَغرَّقَ في الفرات ولك حاشيةٌ يحتاجون إلى مَن يُكرِمهم لك ولا أصلح لذلك فقال له : كذبتَ أنت تصلح لذلك فقال له : قد حكمتَ لي على نفسك كيف يحل لك أن تُوليَ على أمانتك من هو كذّاب وقيل : توّلى القضاء يومين فلم يأته أحد فلما كان في اليوم الثالث أتاه رجل صفّار ومعه آخرُ فقال الصفّار لي مع هذا ددرهمان وأربعة دوانيق ثمن تور صُفر فقال أبو حنيفة : اتق الله وانظر فيما يقول الصفّار قال : ليس له عليّ شيء فقال أبو حنيفة للصفّار : ما تقول ؟ فقال : استحلِفهُ لي فقال أبو حنيفة للرجل : قل والله الذي لا إله إلا هو فجعل يقول فلما رآه أبو حنيفة معزّما على أن يحلف قطع عليه وأخرج من كُمّه صرة وأخرج منها درهمين ثقيلين وقال للصفّار : هذان الدرهمان عِوَض باقي تَورك فنظر الصفار إليهما وقال : نعم وأخذ الدرهمين فلما بعد يومين اشتكى أبو حنيفة ثم مرض ستة أيّام ومات C تعالى وكان يزيد بن هبيرة قد ضربه مائة سوطٍ كلّ يوم عشرةَ أسياط وهو يمتنع من ولاية ذلك . فلما رآه مُصِراً خلى سبيله وكان أحمد بن حنبل إذا ذكر ذلك بكى وترّحم على أبي حنيفة وكان أبو حنيفة رَبعً من الرجال وقيل كان طُوالاً تعلوه سُمرةٌ أحسنَ