صَبور على الشكوَى فلو دُستُ خدَّه ... على رِقَّةٍ فيه وثقتُ بصبره .
إذا نابني خطبٌ جليل ندّبتُه ... فيهتزّ منه مستقلٌ بأمره .
يخِفُّ غداةَ الرَوع مهما نَهرتُه ... فيغرَق في بحر العجاج بنهره .
ويمضي إذا أرسلتُه في مُهِمة ... فما يتلقَّاني مقيماً لعُذره .
غدا فاخِراً بين الأنام بحدّه ... وراح أبِياً عن أبيه بفخره .
فغُص خلفه إن كنتُ تُؤثِر كشفَه ... ولا تدّعي التقصير عن طول بحره .
فها أنا عنه قد كشفت لأنني ... حلفت له أن لا أبوحَ بسرّه .
وقال في الرُّمح : .
ولي صاحبٌ قد كمل اللهُ خَلقَه ... وليس به نقصٌ يعاب فيُذكرُ .
عَصِيٌَ ثقيلٌ إن أُطيلَ عِنانُه ... مطيعٌ خفيفُ الكَلّ حين يقصَّر .
يسابقني يومَ النزال إلى العِدَى ... فإن لم أؤخِّره فما يتأخر .
ويؤمنُ منه الشَّرُّ ما دام قائماً ... ولكن إذا ما نام يُخشَى ويُحذَر .
أنالُ به في الرَوع مهما اعتقلتُه ... مَراماً إذا أطلقتُه يتعذَّر .
تعدَّى على أعدائه متنصلا ... إليهم وما أبدى اعتذاراً فيُعذَر .
ترى منه أميا إلى الخط ينتمي ... ومُغرَى بِغَزوِ الروم وهو مدوَّر .
ومن طاعنٍ في السِّنّ ليس بمنحَنٍ ... ومن أرعنٍ مذ عاش وهو موقَّر .
ففكِّر إذا ما رُمتَ إفشاء سِره ... فها أنا قد أظهرتُه وهو مُضمَر .
وقال في الخيمة : .
ومنصوبة مرفوعةٍ قد نصبتُها ... ولكنه رَفعٌ يؤول إلى خَفضِ .
تُعيِن على حَرّ الزمان وبرده ... بلا حسبٍ زاكٍ ولا كرَمٍ مَحض .
وتُصبِح للاَّجي إليها وقايةً ... لبعض الأذى الطاري على الجسم لا العِرض .
تقوم على رجلين طوراً وتارةً ... تقوم على رجل بلا عَرَجٍ مُنضِ .
إذا حضرت كانت عقيلةَ خِدرِها ... وإن تبدُلم تلزَم مكاناً من الأرض .
قصدتُ كريماً خِيمهُ لِيُبينَها ... وقَصدُ الكريم الخِيم من جملة الفَرض .
يا رافع لواء الأدباء ودافع لأواء الغرباء هذا اللغز ممهَّدٌ موطَّأٌ مكشوفٌ لا مغطَّى وقد سطَّر مفرداً ومجموعاً وذُكِرَ مَقِِيساً ومرفوعاً إلا أنه قد استخفى وهو مُظهَرٌ واستتر وهو مُجهَر وتعامى وهو بصير وتَطاول وهو قصيرٌ وتَصامَم وهو سميع وتعاصَى وهو مطيع ومِثل مولايَ من عرف وكَره ولم يعمل فيه فكرَه والأمرُ له أعلى أمره وأطال للأولياء عُمره وقال في جميع السِواك : .
أيا سيّداً ما رام جَدواه طالبٌ ... فعاد ولم يظفَر بأقصَى مَطالِبه .
أبِن لي عن الجمع الذي إن ذكرتَه ... تخاطِب من خاطبتَه بمَعايِبه .
وكتب إلى ركن الدين قرطاي ببغداد وهو ساكن عند نهر عيسى : .
أمولايَ إني مذ رأيتُك ساكناً ... على نهر عيسى لم أزل دائم الفِكرِ .
لأنك بحرٌ بالمكارم زَاخرٌ ... ومن عَجَبٍ أن يسكنَ البحرُ في النهر .
وقال : .
ومليحٍ جاءَنا يشطَح في صدرِ نهارِ ... وهو في مبدأ شكرٍ وعقابيل خُمار .
فسقيناهُ إلى أن أظلم الليل لسارِ ... ثم لما نام قمنا وركِبنا في عُشاري .
وجذبنا في لبانٍ ودفعنا بمداري ... فصَبحناه بِكاسٍ وغَبقناه بعار .
وكتب عن الناصر داود إلى الصالح نجم الدين :