وساعدني فيها ابن عمرو بن عامرٍ ... خداشٍ فأدى نعمةً وأفاءها .
طعنت ابن عبد القيس طعنة ثائرٍ ... لها نفد لولا الشعاع أضاءها .
ملكت بها كفي فأنهرت فتقها ... يرى قائم من دونها ما وراءها .
وكان قيس مقرون الحاجبين أدعج العينين أحم الشفتين براق الثنايا كأن بينهما برقاً ما رأته حليلة رجل قط إلا ذهب عقلها .
قال حسان بن ثابت للخنساء : اهجي قيساً فقالت : لا أهجو أحداً حتى أراه . فجاءته يوماً فوجدته في مشرقة ملتفاً بكساء فنخسته برجلها وقالت له : قم فقام فقالت له : أدبر فأدبر ؛ ثم قالت : أقبل فأقبل فقالت : والله لا أهجو هذا أبداً .
ومن حسن شعره : .
أجد بعمرة غنيانها ... فتهجو أم شأننا شأنها .
فإن تمس قد شحطت دارها ... وبان لك اليوم هجرانها .
فما روضة من رياض القطا ... كأن المصابيح حودانها .
بأحسن منها ولا مزنة ... دلوح تكشف أدجانها .
وعمرة من سروات النسا ... ء تنفح بالمسك أردانها .
ومنه : .
وما بعض الإقامة في ديارٍ ... يهان بها الفتى إلا عناء .
وبعض خلائق القوام داءٌ ... كداء البطن ليس له دواء .
يريد المرء أن يعطى مناه ... ويأبى الله غلا ما يشاء .
وكل شديدةٍ نزلت بقومٍ ... سيأتي بعد شدتها رخاء .
فلا يعطى الحريص غنىً بحرصٍ ... وقد ينمى على الجود الثراء .
غني النفس ما عمرت غني ... وفقر النفس ما عمرت شقاء .
وليس بنافعٍ ذا البخل مالٌ ... ولا مزرٍ بصاحبه السخاء .
وبعض القول ليس له عياجٌ ... كمخض الماء ليس له إتاء .
وبعض الداء ملتمسٌ شفاه ... وداء النوك ليس له شفاء .
صاحب لبنى .
قيس بن ذريح - بالذال المعجمة والراء والياء آخر الخروف وحاء مهملة - الكناني صاحب لبنى : قال صاحب الأغاني : كان رضيعاً للحسن بن علي عليهما السلام .
مر بخيام بني كعب والحي خلوف فوقف على خيمة لبنى بنت الحباب فاستسقى ماء فسقته وكانت امرأة مديدة القامة شهلاء حلوة المنظر والكلام فلما رآها وقعت في نفسه .
وشرب الماء فقالت له : انزل فتبرد عندنا قال : نعم فنزل بهم .
وجاء أبوها فنحر له وأكرمه . وانصرف قيس وفي قلبه من لبنى فجعل ينطق بالشعر فيها حتى شاع وروي .
ثم أتاها يوماً آخر وقد اشتد وجده بها فسلم وظهرت له وتحفت به فشكا إليها ما يجد من حبها وشكت إليه مثل ذلك .
وانصرف إلى أبيه وسأله زواجها فأبى عليه وقال : بنات عمك أحق بك .
وكان ذريح كثير المال . فانصرف قيس وقد ساءه ما خاطب به . فاستعان بأمه على أبيه فلم يجد عندها ما يحب فأتى الحسين بن علي Bهما وابن أبي عتيق وكان صديقه وشكا ما به .
فقال له الحسين : أنا أكفيك ومشى معه إلى أبي لبنى فلما بصر به أعظمه فقال : قد جئتك خاطباً ابنتك لقيس بن ذريح . فقال : يا ابن رسول الله ما كنا لنعصي لك أمراً وما بنا عن الفتى رغبة ولكن أحب الأمرين إلينا أن يخطبها ذريح أبوه فإنا نخاف إن لم يسغ أبوه هذا أن يكون عاراً علينا وسبة .
فأتى الحسين Bه ذريحاً وقومه فأعظموه فقال : أقسمت عليك إلا خطبت لبنى على قيس قال : السمع والطاعة لأمرك .
وخرج في وجوه قومه وخطبها لابنه وزوجه إياها وزنت إليه وأقام معها مدة لا ينكر أحد من صاحبه شيئاً .
وكان أبر الناس بأبيه فألهاه عكوفه على لبنى عن بعض ذلك ووجدت أمه في نفسها وقالت لبيه : لقد خشيت أن يموت قيس ولم يترك خلفاً وقد حرم الولد من هذه المرأة وأنت ذو مال فيصير مالك إلى الكلالة فزوجه بغيرها لعل الله يرزقه ولداً وألحت عليه