ثم الحمد لله على أن اشهدها مصارع أعدائها وأحمد لها عواقب إعادة نصرتها وإبدائها ورد تشتيتها بعد أنم ظن كل واحد أن شعارها الأسود ما بقي منه غلا ما صانته العيون في جفونها والقلوب في سويدائها .
واشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة يتلذذ بذكرها اللسان وتتعطر بنفحها الأفواه والردان وتتلقاها ملائكة القبول فترفعها إلى أعلى مكان واشهد أن محمداً عبده ورسوله الذي أكرمنا اله به وشرف لنا الأنساب وأعزنا به حتى نزل فينا محكم الكتاب صلى الله عليه وعلى آله الذين أنجاب الدين منهم عن أنجاب وB صحابته الذين هم أعز صحاب صلاة يوفى قائلها أجره بغير حساب يوم الحساب .
وبعد حمد الله على أن أحمد عواقب الأمور وأظهر للإسلام سلطاناً اشتدت به للأمة الظهور وفيت الصدور وأقام الخلافة العباسية في هذا الزمن بالمنصور كما أقامها فيما مضى بالمنصور واختار لإعلان دعوتها من يحيى معالمها بعد العفاء ورسومها بعد الدثور وجمع لها الآن ما كان جمح عليها فيما قبل من خلال كل ناجم ومنحها ما كانت تبشرها به الملاحم وأنفذ كلمتها في ممالك الدولة العلوية بخير سيف مشحوذ ماضي العزائم ومازج بين طاعتها في القلوب وذكرها في الألسنة وكيف لا والمنصور هو الحاكم ؟ وأخرج لحياطة الأمة المحمدية ملكاً تقسم البركات عن يمينه وتقسم السعادة بنور جبينه وتقهر الأعداء بفتكاته وتمهر عقائل المعاقل بأصغر راياته ذو السعد الذي ما زال نوره يشف حتى ظهر ومعجزه يرف إلى أن بهر ؛ وجوهره ينتقل من جيد إلى جيد حتى علا على الجبين وسره يكمن في قلب بعد قلب حتى علم العلم القين .
والحمد لله الذي جعل نبأ تمكينه في الأرض بعد حين .
فاختاره الله على علم واصطفاه من بين عباده بما جله الله عليه من كرم وشجاعة وحلم ؛ وأتى الله به الأمة المحمدية في وقت الاحتياج عوناً وفي إبان الاستمطار غيثاً وفي حين عيث الشبال في غر الافتراس ليثاً ؛ فوجب على من له في أعناق الأمة المحمدية بيعة الرضوان وعند إيمانهم مصافحة إيمان ؛ ومن حيث وجبت له البيعة باستحقاقه لميراث منصب النبوة ومن تصح به كل ولاية شرعية يؤخذ كتابها منه بقوة ؛ ومن هو خليفة الزمان والعصر ومن بدعواته ينزل عليكم معاشر كماة الإسلام ملائكة النصر ومن نسبه بنسب نبيكم A متشج وحسبه بحسبه ممتزج أن يفوض له ما فوضه الله إليه من أمر الخلق ومن يقوم عنه بفرض الجهاد والعمل بالحق وأن يوليه ولاية شعبة تصح بها الأحكام وتنضبط أمور الإسلام وتأتي هذه العصبة الإسلامية يوم تأتي كل أمة بإمامهم من طاعة خليفتهم بخير إمام ؛ وخرج أمر مولانا أمير المؤمنين - شرفه الله - أن يكون للمقر العالي المولوي السلطاني الملكي المنصوري أجله الله ونصره وأظفره وأقدره وأيده وأبده كل ما فوضه الله لمولانا أمير المؤمنين من حكم في الوجود وفي التهائم والنجود وفي الخزائن والمدائن وفي الظاهر والبواطن وفيما فتحه الله وفيما سيفتحه وفيما كان فسد بالكفر والرجاء من الله أنه سيصلحه ؛ وفي كل وجود ومن وفي كل عطاء وظن ؛ وفي كل هبة وتمليك وفي كل تفرد بالنظر في أمور المسلمين بغير شريك ؛ وفي كل تعاهد ونبذ وفي كل عطاء وأخ وفي كل عزل وتولية وفي كل تسليم وتخلية وفي كل إرفاق وإنفاق وفي كل إنعام وإطلاق وفي كل استرقاق وإعتاق وفي كل تقليد وتفويض وفي كل تحديد وتعويض وفي كل حمد وتقريض ولاية عامة تامة محمدة محكمة منضدة منظمة ؛ لا يعقبها نسخ من خلفها ولا من ين يديها ولا يعتريها فسخ يطرأ عليها يزيدها مر الأيام جدة يعقبها حسن شباب ولا ينتهي على الأعوام والأحقاب نعم ينتهي إلى ما نصبه الله للإرشاد من سنة وكتاب وذلك من شرع الله أقامه للهداة علماً وجعله إلى اختيار الثواب سلماً .
فالواجب أن يعمل بجزئيات أمره وكلياته .
وأن لا يخرج أحدج عن مقدماته والعدل فهو الغرس المثمر والسحاب الممطر والروض المزهر وبه تتنزل البركات وتخلف الهبات وتربى الصدقات ؛ وبه عمارة الأرض وبه تؤدى السنة والفرض فمن زرع العدل اجتنى الخير ومن أحسن كفي الضرر والضير .
والظلم فعاقبته وخيمة وما يطول عمر الملك إلا بالمعدلة الرحيمة