يحكى أن طشتمر خار من اقتل وضعف وانحنى . وأما الفخري فلم يهب الموت وقال للمتوكلين بهما : بالله والكم قدموني قبل أخي هذا فإن هذا ما له ذنب لعله يحصل له شفاعة بعدي .
وكان قتلهما في أول المحرم سنة ثلاث وأربعين وسبعمائة C تعالى .
كان شجاعاً داهية أريباً صباراً حلياً جواداً .
قال لي القاضي شهاب الدين ابن فضل الله : ما رأيت اركم منه لا يستكثر على أحد شيئاً يطلبه وكان لا يحسن يكتب اسمه ولا يعلم إنما يكتب عنه على الأجوبة والتواقيع دواداره سيف الدين طغاي .
وقلت أنا فيه لما قتل : .
سمت همة الفخري حتى ترفعت ... على هامة الجوزاء والنسر بالنصر .
وكان به للملك فخرٌ فخانه ال ... زمان فأضحى ملك مصرٍ بلا فخر .
قطلوبك .
قطلوبك الكبير .
قطلوبك الأمير سيف الدين المعروف بقطلوبك الكبير المنصوري .
قال القاضي شهاب الدين ابن فضل الله : كان مؤاخياً لسلار وولي إمرة الحجوبية بمصر فعلمها عملاً غر تمنعه النيابة وقل قدرها لجمع الأمراء عليه والبراتية والوافدين ومد السماط لعم وإفاضة الخلع عليهم فأهم البرجية أمره خوفاً من قوة شوكة سلار فأخرج إلى الشام وولي نيابة طرابلس فكرهها واستعان بالأفرم في الإقالة منها فأقيل .
ثم كانت بينه وبين اسندمر الكرجي نائبهابعده مصاهرة كان المعين بن حشيش الساعي فيها .
واستقر قطلوبك الكبير بدمشق من مقدمي الألوف ولم يمش إلا مشي عظماء الملوك من فرط البذخ والتجمل وعظم الحاشية والغاشية مما لا يقوم مغل إقطاعه بثلث الكلفة له وكلما إنفاقه يزداد ولا يعرف من اين مدده ولا بأي شيء طالت في الإنفاق يده .
وظهر للأفرم وهو نائب الشام منه كبر أفضى إلى الوقوع بينهما .
ثم دخل الحاج بهادر وبكتمر الحاجب وغيرهما في الإصلاح بينهما فاصطلحا وأوجبوا على قطلوبك عمل الشكرانة فعلمها في المرج وأنفق فيها ما يقارب ثلاثين ألف دينار ما بين طعام وشراب وخلع وتقادم للأفرم وحاشيته وللأمراء .
وكانت الضيافة ثلاثة أيام لم تنقطع خيراتها . وكنت ممن حضرها ونظرها وهي تزيد على الوصف .
والتزم مرة بدرك الرحبة سنة حملاً على الأمراء فجر نحو مائة جنيب من الخيل غير المهجن كلها مجللات بالحرير ملبسات بحلي الذهب والفضة جميعها باسمه ورنكه .
وأقام بالرحبة عشرة اشهر غير مسافات رقه .
وكان يقيم بأكثر الجند المضافين إليه فأما جنده فلا يتكلف أحد منهم شيئاً في مدة بيكاره .
وحكى لي صاحبنا الشريف ناصر الدين محمد الحسيني C وكان من مصافيه من هذا ما تعجب منه .
وقال لي : كان راتب شرابخاناته في رمضان في كل يوم وزن خمسة وعشرين رطلاً بالدمشقي من السكر .
وبنى بالرحبة جامعاً وقصراً وميدان كرة ومنازل للجند .
ولما تجرك الملك الناصر للحضور من الكرك ثاني مرة جرده الأفرم هو والحاد بهادر لمنعه من الحضور فراسلاه حتى أتياه وحضرا به وجعله أستاذ دار وكان هو القائم بالدولة وقدم للسلطان بدمشق تقدمة تجل عن التقويم .
ثم كان السلطان لا يخلع ولا ينفق إلا من خزانته مدة مقامه بدمشق في تلك الأيام وسفره إلى أن دخل مصر .
فأقام على وظيفته مديدة ثم أخرج إلى نيابة صفد فأقام بها غير كثير ثم أمسك مها وحبس بقلعة الكرك ثم كان آخر العهد به .
وكان يعاني زي أمراء المغل في لبس الكنبك والطرز بين كتفيه وركوب الأكاديش غالباً .
وكان أسمر شديد السمرة بطيناً حسن الصورة يكتب خطاً جيداً ولع إلمام ببعض عربية وفقه وحديث وعنده تندير ودلع على سبيل اللعب وله شعر منه ما عمله في مجلس الأفرم في ساق كان يسقيهم القمز وقد غنى بشعر لابن الوكيل : .
أمير الحسن ساقينا ... يغنينا فيغنينا .
فيا لله ما أحلى ... إشارات المحبينا .
فأمر الأفرم ابن الوكيل فذيلها بأبيات ثم أمر بها فلحنت وغنى عامة يومه بها .
قطلوتمر الخليلي .
قطلوتمر الأمير سيف الدين الخليلي : ولاه الأمير سيف الدين طقزتمر نائب دمشق الحجوبية وكان حاجباً صغيراً وعمر الدار التي في العقيبة قبالة سوق الخيل والمئذنة والمسجد