فاستيقظ فلم يجدها فاستشاط غضباً ونادى بها فأجابته فقال : الم أخلك إكراماً لك ألم أدفع إليك مهجتي دون سائر حظاياي فتضعين رأسي على مخدة وتذهبين ؟ ؟ فقالت : يا أمير المؤمنين ما جهلت قدر ما أنعمت به علي ولكن فيما أدبني به أبي أن قال : لا تنامي بين جلوس ولا تجلسي بين نيام .
وقيل : إنه أول ما وقعت عين المعتضد عليها أماطت نقابها فقال لها : لي شيء فعلت هذا ؟ قالت : يا أمير المؤمنين لأن وجهي إن كان حسناً كنت أول من رآه وإن كان قبيحاً كنت أولى من واراه فأعجبه ذلك منها .
ولما حملت قطر الندى وخرجت من مصر خرجت معها عمتها العباسة بنت أحمد بن طولون مشيعة لها إلى آخر أعمال مصر من جهة الشام . ونزلت هناك وضربت فساطيطها هناك وبنت هناك قرية فسميت باسمها وقيل لها العباسة وهي إلى الآن ورايتها وهي بلدة عامرة مليحة لها جامع حسن وسوق قائم وغالب الحناء الذي يجلب إلى الشام منها .
وقال لها المعتضد يوماً : بم تشكرين الله غذ جعل زوجك أمير المؤمنين قالت : بما يشكر به أمير المؤمنين ربه غذ جعل أحمد بن طولون من رعيته .
وقال الصولي : كان في جهازها ألف تكة مجوهرة وعشر صناديق جواهر وقوم ما كان معها فكان ألف ألف دينار وعشرين ألف ألف درهم وأعطى أبوها لابن الجصاص مائة ألف دينار وقال : اشتر لها من تحف العراق ما تحتاج إليه .
وقال ابن الرومي في دخول المعتضد على قطر الندىك .
يا سيد العرب الذي وردت له ... باليمن والبركات سيدة العجم .
فاسعد بها كسعودها بك إنها ... ظفرت بما فوق المطالب والهمم .
شمس الضحى زفت إلى بدر الدجى ... فتكشفت بهما عن الدنيا الظلم .
ظفرت بمالئ ناظريها بهجةً ... وضميرها نبلاً وكفيها كرم .
قال سبط الجوزي في المرآة بعدما أوردت هذه الأبيات : في قوله : شمس الضحى زفت إلى بدر الدجى لأن أرباب الهيئة يقولون إن الشمس ذكر والقمر أنثى . قلت : الشعر للعرب وكلام العرب يدل على أن الشمس مؤنثة . قال الله تعالى : " فلما رأى الشمس بازغة " .
ابن قطرال : علي بن عبد الله .
قطرب النحوي صاحب التصانيف : اسمه محمد بن المستنير .
القطرسي نفيس الدين : أحمد بن عبد الغني .
قطز .
الملك المظفر .
قطز بن عبد الله الشهيد الملك المظفر سيف الدين المعزي : كان أكبر مماليك المعز أيبك التركماني بطلاً شجاعاً مقداماً حازماً حسن التدبير يرجع إلى دين وإسلام وخير وله اليد البيضاء في جهاد التتار .
حكى شمس الدين الجزري في تاريخه عن أبيه قال : كان قظز في رق ابن الزعيم بدمشق في القصاعين فضربه استاذه فبكى ولم يأكل يومه شيئاً .
ثم ركب أستاذه للخدمة وأمر الفراش يترضاه ويطعمه . قال : فحدثني الحاج علي الفراش قال : فجئته فقلت : ما هذا البكاء من لطشة ؟ فقال : إنما بكائي من لعنته أبي وأمي وجدي وهم خير منه قلت : من أبوك واحد كافر قال : اوالله ما أنا إلا مسلم ابن مسلم إنما أنا محمود بن ممدود ابن أخت خوارزم شاه من أولاد الملوك فسكت وترضيته .
ولما تملك أحسن إلى الفراش وأعطاه خمسمائة دينار وعمل له راتباً .
وحكى الجزري أيضاً في تاريخه قال : حدثني أبو بكر بن الدريهم الأسعردي والزكي إبراهيم الجبيلي أستاذ الفارس اقطاي قال : كنا عند سيف الدين قطز لما تسلطن أستاذه المعز وقد حضر عنده منجم مغربي فصرف اكثر غلمانه فأردنا القيام فأمرنا بالقعود ثم أمر المنجم فضرب الرمل ثم قال : اضرب لمن يملك بعد أستاذي ومن يكسر التتار فضرب وبقي زماناً يحسب فقال : يا خوند يطلع علعي خمس حروف بلا نقط فقال : لم لا تقول محمود بن ممدود . فقال : يا خوند لا يقع غير هذا الاسم فقال : أنا هو وأنا أكسرهم وآخذ بثأر خالي خوارزم شاه .
قلنا : يا خوند إن شاء الله تعالى . فقال : اكتموا هذا وأعطى المنجم ثلاثمائة درهم