كان المعتصم قد انحرف عن الحسن بن سهل بعد وفاة المأمون وحاز عنه وعن أولاده كثيراً من ضياعهم . فذكر الجهشياري في كتاب الوزراء أن بوران قالت لأخيها الفضل : إني نظرت في حساب هذا فوجدته يدل على شيء يجب أن يحذر عليه في هذا الوقت معه نكبة من جهة الخشب فاجتمع معها على النظر في ذلك فوجد الأمر على ما قالت فقال لها : لست آمن مع انحرافه عنا أن لا يقع هذا منه موقعه فقالت : اقض ما عليك وهو أعلم بما يختار فصار إلى باب المعتصم واستأذن استئذان من ينهي شيئاً مهماً فلما عرف خبره استثقله وأذن له على كره فلما وصل إليه قدم مقدمةً من ذكر ما يلزمه من النصح والصدق عما يقف عليه وعرفه ما وقف عليه من أحكام النجوم فقلق المعتصم لذلك فقال له : أتأذن لي أن ألزم حضرتك إلى انقضاء الوقت ؟ قال : افعل فلزمه يومه وليلته إلى آخرها لم يجد شيئاً ينكره فلما كان في وقت الصبح أقبل الخادم بالماء للوضوء والمساويك فنهض الفضل فقبض على المساويك فمنعه الخادم منه فقال : ليس والله بد من أن آخذه وارتفع الكلام بينهما إلى أن سمعهما المعتصم فقال له : أعطه المسواك فدفعه إليه فقال : تقدم يا أمير المؤمنين إلى هذا الخادم بأن يستاك بهذا السواك فلما استاك به سقطت أسنانه ولثته وسقط ميتاً من وقته فوقع ذلك من المعتصم وكان سبباً لرجوع الحسن بن سهل وأولاده .
ابن تازي كره .
الفضل بن الحسين أبو العباس الهمذاني الحافظ المعروف بابن تازي كره : كان ثقة توفي سنة سبع وعشرين وثلاثمائة . أملى عن إبراهيم بن ديزيل ويحيى بن عبد الله الكرابيسي وروى عنه صالح بن أحمد والحسن بن علي بن بشار والهمذانيون .
أبو سعيد الميهني الصالح .
الفضل بن أبي الخير أبو سعيد الميهني صاحب الأحوال والمناقب . تكلم فيه ابن حزم وتوفي سنة أربعين وأربعمائة .
وزير بغداد .
الفضل بن الربيع بن يونس بن محمد بن عبد الله بن أبي فروة كيسان . مولى عثمان بن عفان Bه : هو أبو العباس تقدم ذكر أبيه في حرف الراء . لما آل الأمر إلى هارون الرشيد واستوزر البرامكة كان الفضل يتشبه بهم ويعارضهم ولم يكن له من القدرة ما يدرك اللحاق بهم فكان في نفسه منهم إحنٌ وشحناء .
قال عبيد الله بن سليمان بن وهب : إذا أراد الله إهلاك قوم وزوال نعمتهم جعل لذلك أسباباً فمن زوال ملك البرامكة تقصيرهم بالفضل با الربيع وسعي الفضل بهم وتمكن بالمجالسة من الرشيد فأوغر قلبه عليهم ومالأه على ذلك كاتبهم إسماعيل بن صبيح حتى كان ما كان .
ويحكى أن الفضل دخل يوماً على يحيى بن خالد وقد جلس لقضاء حوائج الناس وولده جعفر بين يديه يوقع على القصص فعرض الفضل عليه عشر رقاع للناس فتعلل يحيى في كل رقعة بعلة ولم يوقع على شيء مكنها فجمع الفضل الرقاع وقال : ارجعن خائبات خاسئات وخرج يقول : .
عسى وعسى يثني الزمان عنانه ... بتصريف حالٍ والزمان عثور .
فتقضى لباناتٌ وتشفى حسائف ... ويحدث من بعد الأمور أمور .
فسمعه يحيى ينشد ذلك فقال له : عزمت عليك يا أبا العباس إلا رجعت فرجع فوقع له في جميع القصص . ثم ما كان إلا قليل حتى نكبوا على يده وولي بعدهم وزارة الرشيد .
وفي ذلك يقول أبو نواس وقيل أبو حرزة : .
ما رعى الدهر آل برمك لما ... أن رمى ملكهم بأمرٍ فظيع .
إن دهراً لم يرع عهداً ليحيى ... غير راعٍ ذمام آل الربيع .
وفي ترجمة منصور النمري الشاعر للفضل ذكر حسن ومديح يأتي إن شاء الله تعالى في موضعه .
وتنازع جعفر يوماً هو والفضل بن الربيع بحضرة الرشيد فقال جعفر للفضل يا لقيط إشارة إلى ما كان يقال عن أبيه الربيع لأنه كان لا يعرف أبوه فقال الفضل : اشهد يا أمير المؤمنين وأنت حاكم الحكام ؟ ! .
ومات الرشيد والفضل مستمر على وزارته وكان في صحبة الرشيد فقرر الأمر للأمين ولم يعرج على المأمون وهو بخراسان ولا التفت إليه فعزم المأمون على أن يجهز إليه عسكراً يعترضونه في طريقه لما انفصل عن طوس فأشار على المأمون الفضل بن سهل أن لا يتعرض له .
وزين الفضل بن الربيع للأمين خلع المأمون ويجعل ولاية العهد لموسى بن الأمين