تخيرت سيفاً من سيوف كثيرةٍ ... فلم أر فيها مثل سيف لدولتي .
أرى الناس في وسط المجالس يشربوا ... وذاك بثغر الشام يحفظ بيضتي .
أبو علي البصير .
الفضل بن جعفر بن يونس أبو علي النخعي الشاعر المعروف بالبصير : من أهل الكوفة سكن ببغداد وكان قدم من سر من رأى أول خلافة المعتصم ومدحه ومدح جماعة من قواده ومدح المتوكل والفتح بن خاقان وكان يتشيع تشيعاً فيه بعض الغلو وله في ذلك أشعار وكان أعمى وإنما لقب بالبصير على العادة في التفاؤل ؛ وقيل : إنما لقب بذلك لأنه كان يجتمع مع إخوانه على النبيذ فيقوم من صدر المجلس يريد البول فيتخطى الزجاج وكل ما في المجلس من آلة ويعود إلى مكانه ولم يؤخذ بيده .
وبقي إلى أيام المعتز وقيل : توفي في الفتنة وقيل : توفي بعد الصلح وهو القائل : .
لئن كان يهديني الغلام لوجهتي ... ويقتاني في السير إذ أنا راكب .
فقد يستضيء القوم بي في أمورهم ... ويخبو ضياء العين والرأي ثاقب .
ومنه : .
قلت لأهلي وراموا أن أميرهم ... بماء وجهي ولم أفعل ولم أكد .
لا يستوي أن تهينوني وأكرمكم ... ولا يقوم على تقويمكم أودي .
فطيبوا عن رقيق العيش أنفسكم ... ولا تمدوا إلى أيدي اللئام يدي .
تبلغوا وادفعوا الحاجات ما اندفعت ... ولا يكن همكم في يومكم لغد .
فرب مدخرٍ ما ليس آكله ... ومستعد ليومٍ ليس في العدد .
ورب مجتهدٍ ما ليس بالغه ... وبالغٍ ما تمنى غير مجتهد .
وقال يمدح إسحاق بن سعد : .
ما عليها أحد أقصده ... كل من أبلوه أستبعده .
خول المال أناسٌ كلهم ... ما له رب له يعبده .
والذي تسمو به همته ... للعلى فالدهر لا يسعده .
غير إسحاق بن سعد إنه ... عقلت عنه لساني يده .
إن إسحاق بن سعدٍ رجلٌ يحسن اليوم ويرجى غده .
قد بلوناه على علاته ... فخبرنا منه ما نحمده .
فاقتعدناه أخاً ننهضه ... في الملمات فما يقعده .
واعترفنا بالذي أودعنا ... وعدو العرف من يجحده .
ومنه : .
فلا تعتذر بالشغل عنا فإنما ... تناط بك الحاجات ما اتصل الشغل .
وقال : .
إذا ما غدت طلابة العلم ما لها ... من العلم إلا ما يخلد في الكتب .
غدوت بتشميرٍ وجد عليهم ... ومحبرتي سمعي ودفترها قلبي .
وقال : .
؟ في كل يومٍ لي ببابك وقفةٌ ... أطوي إليه سائر الأبواب .
فإذا حضرت وغبت عنك فإنه ... ذنبٌ عقوبته على البواب .
وقال : .
إن أرم شامخاً من العز أدرك ... ه بذرعٍ رحبٍ رباعٍ طويل .
وإذا نابني من الأمر مكرو ... ه تلقيته بصبر جميل .
ما ذممت المقام في بلدٍ يو ... ماً فعاتبته بغير الرحيل .
وقال : .
يا أحمد ابن أبي دوادٍ دعوةٍ ... يقوى بها المتهضم المستضعف .
كم من يدٍ لك قد نسيت مكانها ... وعوارفٍ لك عند من لا يعرف .
نفسي فداؤك للزمان وريبه ... وصروف دهرٍ لم تزل بك تصرف .
وتغير عقل أبي على قبل موته بقليل من سوداء عرضت له ولم تزل به إلى أن مات وكان ربما ثاب إليه عقله في بعض الأوقات وفي ذلك يقول أحمد ابن أبي طاهر : .
خبا مصباح عقل أبي عليٍ ... وكانت تستضيء به العقول .
إذا الإنسان مات الفهم منه ... فإن الموت بالباقي كفيل .
الوزير ابن الفرات ابن حنزابة .
الفضل بن جعفر بن محمد بن موسى بن الحسن بن الفرات أبو الفتح الكاتب المعروف بابن حنزابة : تقدم ذكر أخيه فيه جعفر وضبط اسم أمه هناك كان كاتباً مجوداً وديناً متأهلاً مؤثراً للخير محباً لأهله وزر للمقتدر بالله يوم اثنين لليلتين بقيتا من شهر ربيع الآخر سنة عشرين وثلاثمائة إلى أن قتل المقتدر وولي القاهر فولاه الدواوين ولما خلع القاهر وولي الراضي ولاه الشام فتوجه إليها