المرءُ يسعى لدنياه ويزجره ... سَوْطُ الزمان ويُدنيه من الأجلِ .
وليس يسعى لما فيه النجاةُ له ... كأنَّه آمِنٌ فيها من الوَجَلِ .
وقوله : .
إلهيَ حاجاتي إليك كثيرةٌ ... وأنتَ بحالي عالمٌ وخبيرُ .
وأنتَ رحيم بالبريَّةِ فاقْضِها ... جميعاً وذا سهلٌ عليك يَسيرُ .
ذنوبي ذنوبي حُطَّ عنِّيَ ثقلها ... فقد أثقلتْ ظهري وأنتَ غفورُ .
الهَمْداني الكوفي .
عمر بن سَلِمَة الهَمْداني . سمع عليًّا وابن مسعود وحضر النَّهْروان مع عليّ وأبوه بكسر اللام هو وعمرو بن سَلِمَة الجرمي وسيأتي ذكره . فأمَّا عمرو بن سَلَمَة بفتح اللام فشيخٌ مجهول للواقدي وشيخٌ آخر قزويني ويروي عنه أبو الحسن القطَّان .
المظفَّر صاحب حماة .
عمر بن شاهنشاه بن أيّوب الملك المظفَّر تقيّ الدين أبو سعيد بن نور الدولة صاحب حماة وهو ابن أخي السلطان صلاح الدين . تقدَّم ذكر أبيه . كان شجاعاً مقداماً منصوراً في الحروب مؤيَّداً في الوقائع ومواقفه مشهورة مع الفرنج وله آثارٌ في المصافَّات دلَّت عليها التواريخ وله في أبواب البرّ كلّ حسنة منها مدرسة منازل العِزّ يقال إنَّها كانت دار سكنه فوقف عليها وقفاً كثيراً وجعلها مدرسةً . وكانت الفيُّوم وبلادها إقطاعه وله بها مدرستان : شافعيَّة ومالكيَّة وعليهما وقفٌ جيِّد . وبنى بمدينة الرُّها مدرسة لمَّا كان صاحب البلاد الشرقيَّة . وكان كثير الإحسان إلى العلماء وأرباب الخير .
وناب عن عمّه صلاح الدين بالديار المصريَّة في بعض غيباته عنها ؛ لأنَّ الملك العادل كان نائباً عن أخيه صلاح الدين فلمَّا جاء من الكَرَك سنة تسع وسبعين وخمس مائة في شهر رجب طلب أخوه من مصر بالعساكر وسيَّر إليها تقيّ الدين عمر نائباً عنه ثمَّ استدعاه إليه إلى الشام ورتَّب مكانه العزيز عثمان ومعه العادل ؛ فشقَّ ذلك على تقيّ الدين وعزم على دخوله بلاد الغرب ليفتحها فقبَّح أصحابُه عليه ذلك فامتثل قول عمّه صلاح الدين وحضر إلى خدمته وخرج السلطان والتقاه بمرج الصُفَّر واجتمعا هناك وفرح به وأعطاه حماة فتوجَّه إليها وتوجَّه إلى قلعة مَنازْكِرْدَ من نواحي خِلاط ليأخذها فحاصرها مدَّة وتوفي عليها يوم الجمعة تاسع عشر شهر رمضان سنة سبع وثمانين وخمس مائة وقيل توفي بين خِلاط وماردين ونقل إلى حماة ودُفن بها . ورُتِّب مكانه ولده المنصور أبو المعالي محمد وقد تقدَّم ذكره .
وقال في وصفه صاحب الخريدة : ذو السيف والقلم والبأس والكرم كان يساجل العظماء ويجالس العلماء ولكثرة امتزاجه بالفضلاء نظمَ الشعر طبعاً ولم يُميِّز خفضاً ونصباً ورفعاً . ومن مختار ما أنشد له قولُه : .
جاءتك أرض القدس تخطُب ناكحاً ... يا كُفْأها ما العُذْرُ عن عذْرائها .
زُفَّتْ عليك عروسَ خِدْرٍ تُجتلى ... ما بين أَعْبُدِها وبين إمائها .
إيهٍ صلاح الدين خُذْها غادةً ... بِكْراً ملوكُ الأرضِ من رُقبائها .
كم خاطبٍ لجمالها قد ردَّه ... عن نَيلها أنْ ليس من أكفائها .
وقوله : .
يعاتبني قومٌ يعزُّ عليهمُ ... مسيريَ : ما هذا السُّرى في السَّباسبِ .
فقلتُ لهم : كُفُّوا وما وكفتْ لكم ... جفونٌ ولا ذُقتم فراق الحبائبِ .
وقوله : .
ما أحسنَ الصبرَ ولكنَّني ... أنفقتُ فيه حاصلَ العُمْرِ .
فليتَ دهري عاد لي مرَّةً ... ببعض عمرٍ ضاعَ في الصَّبْرِ .
وقوله : .
أحبابنا والهوى لا حلتُ بعدكمُ ... عن العهود ولا استهواني الغِيَرُ .
فإنْ أحُلْ بخلتْ كفِّي بما ملكتْ ... ولا أحببتُ النَّدى إنْ قيل : يا عمرُ .
وقوله : .
كلمَّا زدتمُ جفا ... زادَ قلبي تلهُّفا .
جار في يومِ بينِكم ... حاكمٌ ما توفَّقا .
وقوله : .
يا مالكاً رِقِّي برقَّة خدِّه ... ومُعذِّبي دون الأنامِ بصدِّهِ .
ومكذِّبي وأنا الصَّدوقُ وهاجري ... وأنا المَشوقُ ومانِعي من رِفدهِ