الناسُ هم بالناس في الدنيا فذا ... عالٍ وهذا دونَه يرجوهُ .
والكلُّ عائلةُ الإله فبعضُهم ... يدعونَ خيرَهُمُ كما يدعوهُ .
وهمُ طباعٌ يقصدون كرامَها ... من بينهم ومعادنٌ ووجوهُ .
وإليك هذا القولُ يسري فالهُ ... وعليك معنى سرِّهِ أجْلوهُ .
يُقَبِّلُ الأرضَ ويُنهي أن مطالعاته وتضرُّعاته ووسائله ورسائله وقصائده ومذاكراته تكرَّرتْ إلى بيت يدي المخدوم أدام الله أيَّامه وأبقى رماحاً للدولة أقلامه وسيوفاً للهيجاء كلامه . وهل سيتسقي الظمآن إِلاَّ الغمام أو يستصرخ العاني إِلاَّ بالسَّراة الكرام أو تقف الآمالُ إِلاَّ على الوجوه الصِّباح أو يجلو ظلمة الليل البهيم إِلاَّ القمر إذا لاح أو الصباح إذا طلع بنوره الوضَّاح أو يلوذ العبدُ إِلاَّ بسيِّده أو يعوذ المنقطع إِلاَّ بمن سَبَبُ الاتصال في يده ؟ والمملوك ظامْ وأفق سيِّدي المخدوم غمامٌ عامٍ وعان وكرمه قد ملأ الدُّنيا بالإنعام . وله أملٌ ووجهه قد غطَّى على الشمس بالإشراق وفي ليلٍ داج وبين عينيه قمرٌ لا يصل إليه مُحاق ومن بِشْره صبحٌ يدلُّ في الآفاق ضالَّةَ الرفاق وعبدٌ وأنت السيد الكامل ومنقطِع وأنت بمشيئة الله إلى المأمن حامل .
ولا تسأل عن الإفلاس غيري ... فآخر ما يُباع هي الدفاترْ .
وما لي دفترٌ فأبيعَ منه ... وقد خَلَتِ الدفاترُ والمحابرْ .
وما ثَقَّلْتُ إِلاَّ بعد جهدٍ ... فكن لي مُسعفاً يوماً وعاذرْ .
وحالُ الجسم منِّي مثلُ حَظِّي ... كطِرسي الكلُّ أشباهٌ نظائرْ .
ولا أشكو لغير الله ما بي ... وكم في العالمين لنا بصائر .
ولكن أستقيل وأنت ناءٍ ... إليك كما أكون وأنت حاضر .
فأدركْني إذن لا زلتَ تسخو ... بجاهٍ عند رَيْبِ الدهر ناصرْ .
أكابرنا بقيتم في مزيدٍ ... من العلياء يكتنف الأصاغرْ .
ولا زالت تروح لنا وتغدو ... بشائرُ منك تتلوها بشائرْ .
وإن كسر الزمانُ لنا قلوباً ... لقيك منك بالإحسان جابرْ .
ونقلتُ من خطِّه أيضاً نسخة كتابٍ كتبه إليه أيضاً وهو : يُقَبِّلُ الأرض ويُنهي أنه قد انتهى الأمر إلى ما علمه مولانا من توجُّه أهل المملوك وولده إلى دمشق وهم الآن بها يسألون الناس القوت والمملوكُ بصفد في مثل حالهم والأمور كلّها بيد الله عزَّ وجلّ . وقد كان المملوك يعهد له حظًّا من خاطر مولانا ويرجو من لطف الله بقاء بعضه إن لم يكن كلّه . وحاشا نفسَه الشريفة الطاهرة أن يكون مبلغ رضاه بين الناس أن يكون هذا نصيب المملوك من جاه مولانا . وهذا حاله في أيَّام عزِّه وإقبال سعادته التي كان المملوك يبشِّره بها ويلمح له بوادرها ويتوسَّم مقدِّماتها وكم كان مولانا يُسلف المملوكَ وعودَ خيره ومواثيق وفائه وعهود مواساته فلا يكن ذلّنا في عِزِّكَ الغَرضا .
وإنْ حننتَ للحمى وروضه ... فبالغضا ماءٌ وروضاتٌ أُخَرْ .
هل مِصْرُ إِلاَّ منزلٌ مفارَقٌ ... ووطنٌ في غيره يُقضَى الوَطَرْ .
واللهِ إنَّ المملوك يسرُّه أن يكون مولانا في خير وما يُنسبُ إليه إِلاَّ كلّ حَسَنٍ جميل فلا يتوقَّعُ من جهته إِلاَّ الخير ولا يعرف طباعه تقبل إِلاَّ الخير والإحسان ولا يُصغي إِلاَّ لمن يقول الخير ويُشير به .
ولو تُرك القطا ليلاً لناما .
ولمَّا زاد ما ألقى ... وقال الدهرُ أن أشقى .
وعزَّ الحظُّ في الدُّنيا ... من الإخوان أن يبقى .
وكاد الروح من ظمإٍ ... إلى الحلقومِ أن يرقى .
تجلَّى لي سحابٌ مُ ... دَّ حتَّى جَلَّلَ الأُفقا .
فلمَّا أن دَنا منِّي ... تعدَّاني وما أسْقى