عمر بن حبيب القاضي الحنفي العدوي البصري . صدوقٌ صحيحُ النقل توفي بالبصرة سنة سبع ومائتين وروى له ابنُ ماجة . ولي ببغداذ قضاء الشرقية وقضاء البصرة . قيل إنه حضر مجلس الرشيد فجرت مسألةٌ نازع فيها الخصوم واحتجَّ بعضهم بحديث أبي هريرة فردَّ بعضهم الحديث وقال : أبو هريرة متَّهمٌ في روايته وصرَّحوا بكذبه ومال الرشيد إلى قولهم ونصره . قال : فقلتُ أنا : الحديث صحيح عن رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وأبو هريرة صدوق في ما يرويه ؛ فنظر إليَّ الرشيد نظر مُغضب فقمت وما بلغتُ باب المنزل حتَّى طلبني فدخلتُ عليه والسيف بيده وبين يديه النَّطع فلما رآني قال : يا ابن حبيب ما لقيني أحدٌ بالردّ بمثل ما لقيتني به . فقلتُ : إنَّ الذي قلتَه وجادلتَ فيه فيه إزراء على رسول الله صلّى الله عليه وسلّم وعلى ما جاء به إِذا كان أصحابه كذَّابين فالشريعة باطلة والأحكام والحدود مردودة . قال : فرجع إلى نفسه وفكَّر وقال : أحييتني أحياك الله - وردَّدها ثلاثاً - وأمر لي بعشرة آلاف درهم .
زين الدين الكتَّاني الشافعي .
عمر بن أبي الحَرم الشيخ الإمام العلاّمة شيخ الشافعية زين الدين أبو حفص الدمشقي ابن الكتَّاني . ولد سنة ثلاث وخمسين وست مائة وتفقَّه وناظر ثمَّ تحوَّل إلى مصر . وكان تامَّ الشكل حسن الهيئة جيد الذهن كثير النقل لمذهب الشافعي عارفاً به مائلاً إلى الحجَّة يُوهي بعض المسائل لضعف دليلها ويُلقي دروساً مفيدة ويزبُرُ من يعارضه . قلَّ أن يُفتي ؛ ويقول لمن يأتيه بفُتْيا : أنا ما أكتب لك عليها رُوحْ إلى القضاة وإلى الذين لهم في الشهر من المعلوم كذا وكذا .
وكان فيه دينٌ وتصوُّنٌ وفي خلقه زعارة وله في ذلك حكايات مشهورة . لا يخضع لأمير ولا لقاض . وربَّما تحيَّل عليه بعض الناس فيما يرومه منه بأن يستصحب معه شابًّا حسن الصورة فإنَّه كان يميل إلى ذلك مع عفاف وصون . وكان قد أتقن الفروع والأصلين وفرَّط في علم الحديث أعني معرفة الرواية وأمَّا الدراية فلا ؛ لأنَّه كان المبتدئون من الطلبة يحضرون دروسه ويعيبون ما يصحّفه من أسماء الرجال والرواة . وكان عنده وسوسة في عقد النيَّة وكان الشيخ فتح الدين بن سيِّد الناس يقول لنا : هذا تصنُّع منه فلما ولي خطابة الجامع برَّا بابِ زُوَيْلَة بطلتْ تلك الوسوسة .
وتفقَّه على البرهان المَراغي وقرأ عليه التحصيل في الأصول وحفظه وسمع من أبي اليسر وأسعد بن القلانسي وابن أبي عمر . وتولَّى قضاء دمياط والمحلَّة وبِلْبيس فحُمد ودرَّس بالفخريَّة وبالمنكوتمريَّة وخطب بجامع الصالح . وقلَّ من تفقَّه به لأخلاقه وزعارتها وكان يروي في دروسه الحَديثيَّة عن ابن عبد الدائم بالإجازة .
قال الشيخ شمس الدين : وما علمته تأهَّل . واشتهر اسمه وطار ذكره وذُكر للقضاء وسمع جزء الأنصاري وامتنع من الرواية . وعاش خمساً وثمانين سنة وتوفِّي سنة ثمانٍ وثلاثين وسبع مائة بالقاهرة C تعالى .
عمر بن الحسن .
الباسيسي الغَرَّافي .
عمر بن أحمد الباسيسي أبو القاسم الغرَّافي كان من الشهود المُعَدَّلين وكان المظفَّر بن حمَّاد بن أبي الجبر البَطِيحة يثق إليه ويعتمد في أشغاله عليه وكان فاضلاً أديباً له نظمٌ ونثر . نُكب آخر أيام المقتفي وبقي مكسوراً إلى أيام الوزير ابن البلدي فاختلق له جرماً حبسه به إلى أن مات في حبسه غمًّا سنة اثنتين - أو ثلاث - وستين وخمس مائة . ومن شعره : .
إنَّ دائي في أرض بغداذَ قد أش ... فيتُ فيها لم ألقَ من يُشفيني .
فلو أنِّي بجوِّ عالِجَ أو يَبْ ... رين وافى معالجٌ يُبْريني .
ومنه لغز في الخِلالة : .
ما ذات رأسين أُنثى ... بغير رأسٍ صغيرهْ .
رشيقةٌ قد براها ال ... باري فجاءت قصيرهْ .
تلازمُ الخِدر إِلاَّ ... في وجبةٍ للعشيرهْ .
فتنثني بعد أسرٍ ... على الثنايا مُغيرهْ .
ما لامستْ كفَّ فحلٍ ... إِلاَّ وَرُدَّتْ كسيرهْ .
فاكشف غِطاها فليستْ ... على الذكيِّ عسيرهْ .
الحافظ بن دِحْيَة