حيثُ الخلافةُ مضروبٌ سُرداقها ... بين النَّقيضينِ من عفوٍ ومن نَقَمِ .
وللإمامة أنوارٌ مقدّسةٌ ... تجلو البغيضين من ظلمٍ ومن ظُلَمِ .
وللنبوَّة آياتٌ تُنصُّ لنا ... عن الحقيقين من علمٍ ومن حكمِ .
وللمكارم أحكامٌ تُعلِّمنا ... مدحَ الجزيلين من بأسٍ ومن كَرَمِ .
وللعُلى ألسُنٌ تُثني محامدُها ... على الجديدين من فضلٍ ومن شِيَمِ .
ورايةُ الشرف البذَّاخ ترفعُها ... يدُ الرفيعين من مجدٍ ومن هِمَمِ .
أقسمتُ بالفائزِ المعصوم مُعتقداً ... نورَ النجاةِ وأجرَ البِرِّ في القَسَمِ .
لقد حمى الدِّين والدنيا وأهلَهما ... وزيرُكَ الصالحُ الفرَّاجُ للغُمَمِ .
الَّلابسُ الفخرَ لم تنسِج غلائله ... إلاَّ يدُ الصنعتين السيف والقلمِ .
وُجوده أوجد الأَيام ما اقترحَتْ ... وَجُوده أعدم الشاكين للعَدَمِ .
قد ملَّكتْه العوالي رِقَّ مملكةٍ ... يُعيرُ أنف الثريَّا عزَّةَ الشَّمَمِ .
أتى مقاماً عظيمَ الشأنِ أوهمني ... في يقظتي أنَّه من جملة الحُلُمِ .
ليت الكواكبَ تدنو لي فأنظمَها ... عقودَ دُرٍّ فما أرضى لكم كَلِمي .
ترى الوزارةَ فيه وهي باذلةٌ ... عند الخلافة نصحاً غيرَ مُتَّهَمِ .
خلافةٌ ووزيرٌ مدَّ عدلُهما ... ظلاًّ على مفرِقِ الإسلام والأُممِ .
زيادةُ النيلِ نقصٌ عند فيضهما ... فما عسى تتعاطى منَّة الدِّيَمِ .
ومنه يمدح الموفَّق بن الخلاّل : .
ما هاج مُزنةَ دمعهِ المترقرقِ ... إلاَّ تألُّقُ بارقٍ بالأَبرقِ .
برقٌ يذكِّرني وميضَ مباسمٍ ... يسري الهَوَى في ضوئها المتألِّقِ .
من كلِّ ثغرٍ منك ثغر مخافةٍ ... عافٍ طريقُ رُضابه لم يُطرقِ .
نسج العفافُ عليه ثوبَ صيانةٍ ... همُّ الخيانةِ عندها لا يرتقي .
سقياً لأيام الشبابِ فإنَّها ... روضُ الحياةِ وزهرِها المستنشَقِ .
أَيام يصطحب الغواني والغنى ... في ظلِّ أغصانِ الشبابِ المورقِ .
ومواطنُ اللذاتِ خالية القذى ... تُثني على نِعَم الشبابِ المغدِقِ .
والليلُ يخلعُ فوقهنَّ ممسَّكاً ... والصبحُ ينسجُ ثوبه بمخلَّقِ .
ويد النعيم تخطُّ فوق عراصها ... من لم يُقَضِّ بك الحياةَ فقد شقي .
واللومُ يفرَق أن يُلمَّ بمسمعي ... نَزِقٌ متى ما لم يلاطَفْ ينزَقِ .
تندى أسرَّةُ وجهه فكأَنَّه ... ريَّانُ من ماءِ النضارةِ قد سُقي .
كالبدرِ إلاَّ أنَّه مستوهبٌ ... نورَ المحيَّا من سوادِ المفرِقِ .
عبثَ الفراقُ بشملهِ فتفرَّقتْ ... أثوابُ ذاك العيشِ كلَّ ممزَّقِ .
واعتاضَ بعد نمارقٍ مصفوفةٍ ... حرَّ الهواجرِ وافتراشَ النُّمْرُقِ .
مستبدلاً بلذيذ عيشٍ مُونِقٍ ... وصدورِ أنديةٍ ظهورَ الأَيْنُقِ .
يا حاديَ البُلْقِ النواجي قلْ لها : ... نُصِّي إلى صدرِ الزمانِ وأعتقي .
وتجنَّبي ثَمَدَ النِّطافِ وأوردي ... هِيَمَ المنى بحرَ الموفَّقِ تستقي .
ومنه : .
بات يرعى السُّهى مُؤرَّقْ ... وفؤادٍ من الغرام مُحَرَّقْ .
ليت أيامه السوالفَ يرجع ... نَ ويجمعن طيبَ عيشٍ تفرَّقْ .
دِمَنٌ أنبتَ الجمالُ ثراها ... ورعى الشوقُ غصنَها حين أورقْ .
فتح الطلُّ زهرَها وتولَّى ... نشرهُ راحةُ النسيمِ الذي رقْ .
ومنه من قصيدة : .
إِذا كان هذا الدُّرُّ معدِنه فمي ... فصونوه عن تقبيلِ راحةِ واهبِ .
رأيتُ رجالاً أصبحتْ في مآدبٍ ... لديكم وحالي أصبحتْ في نوادبِ