وكان شاهداً بديوان الجامع الأموي وولي مشيخة النفيسيَّة وكان شيخاً وله ذُؤابةٌ بيضاء إلى أن مات . ونقلت من خطّه : .
يا عائباً منِّي بقاءَ ذؤابتي ... مهلاً فقد أفرطتَ في تعييبِها .
قد واصَلَتْني في زمانِ شبيبتي ... فعلامَ أقطعها أوانَ مشيبِها .
وإِنَّما عُرف بالوَداعي لأنَّه كان كاتباً لابن وَداعة ولذلك قال : .
ولقد خدمتُ الصاحبَ اب ... نَ وَداعةٍ دهراً طويلا .
فلقيتُ منه ما التقى ... أنَسٌ وقد خدمَ الرسولا .
أنشدني الشيخ شمس الدين قال : أنشدني المذكور من لفظه لنفسه : .
من زارَ بابكَ لم تبرح جوارحُهُ ... تروي محاسنَ ما أوليتَ من مِنَنِ .
فالعينُ عن قُرَّةٍ والكفُّ عن صِلَةٍ ... والقلبُ عن جابرٍ والأُذنُ عن حَسَنِ .
وملكتُ ديوانه بخطّه وجميع ما أورده هنا من خطّه . قال : .
تَراه إِذا أنت حيَّيْتَهُ ... ثقيلاً بطرحته الباردَهْ .
كمثلِ الدجاجة منشورةَ ال ... جناح على بيضها قاعدَهْ .
وقال : .
وزائرٍ مبتسمٍ ... يقولُ لمَّا جا : أنا .
فقال أيري مُنشداً ... أهلاً بتينٍ جاءنا .
وقال في مليح بقباء حرير أسود .
لله ما أرشقه من كاتبٍ ... ليس له سوى دموعي مُهرقُ .
يميسُ رقصاً في قباءٍ أسودٍ ... فقلتُ : هذا أَلِفٌ مُحقَّقُ .
وقال : .
وذي دلالٍ أحورٍ أجحرٍ ... أصبح في عقد الهَوَى شَرطي .
طافَ على القوم بكاساته ... وقال : ساقي قلتُ : في وَسطي .
وقال في مليح يلقَّب بالحامِض : .
وقريبٍ من القلوبِ بعيدٍ ... عن محبِّيه بالقِلَى والصدودِ .
لقَّبُوه بحامضٍ وهو حلوٌ ... قولَ مَن لم يَصل إلى العُنقودِ .
وقال في مليح ينتف : .
تعشقتُ ظبياً ناعسَ الطَّرفِ ناعماً ... إلى أن تبدَّى الشَّعرُ والعشقُ ألوانُ .
وقالوا : أفِق من حبِّه فهو ناتفٌ ... فقلتُ : عكستم إنَّما هو فتَّانُ .
وقال وقد هبَّت ريح عظيمة يوم جرى ساعٍ من حمص .
ثارَ الهواءُ عجاجا ... في يوم ساعي الحنايا .
كأنَّه راح يأتي ... بريح حمصٍ هدايا .
وقال : .
ولم أرِدِ الوادي ولا عدتُ صادراً ... مع الرَّكْبِ إلاَّ قلتُ : يا حاديَ النُّوقِ .
فديتُكَ عرِّجْ بي وعرِّسْ هنيهةً ... لعلِّي أبلُّ الشوقَ من آبل السُّوقِ .
وقال : .
سقياً لكرم مُدامةٍ ... أنشتْ لنا النَّشَواتِ ليلا .
خلعتْ علينا سكرةً ... بدويَّةً كُمًّا وذيلا .
وقال : .
موسويُّ الغرام يهوى بسَمْعَيْ ... هِ ويشكو من رؤية العين ضُرَّا .
يتوكَّا على قضيبٍ رطيبٍ ... ولهُ عنده مآربُ أخرى .
وقال : .
أَشكو إلى الحمن بوَّابكمْ ... وما أرى من طول تعميرهِ .
ملازمُ البابِ مقيمٍ بهِ ... كأنَّهُ بعضُ مساميرهِ .
وقال : .
ويومٍ لنا بالنَّيْرَبَيْنِ رقيقةٌ ... حواشيه خالٍ من رقيبٍ يَشينُهُ .
وقفنا فسلَّمنا على الدَّوحِ غُدوةً ... فردَّتْ علينا بالرؤوسِ غصونُهُ .
وقال في مليح فحَّام : .
يا عائبَ الفحَّامِ جهلاً أنَّه ... أضحى لواصف حسنه فحَّاما .
وإذا غُبارُ الفحم برقَعَهُ غدا ... كالبدر دار به الغَمامُ لِثاما .
وقال : .
ذُكِرْتَ شوقاً وعندي ما يصدِّقُهُ ... قلبٌ تُقلِّبه الذكرى وتُقلقُهُ .
هذا على قُربِ دارَيْنا ولا عجبٌ ... فالطَّرفُ للطَّرفِ جارٌ ليس يرمُقُهُ .
قلتُ : أخذ المعنى من الأوَّل وهو أحسن سبكاً وألطف حبكاً وهو : .
لئن تفرَّقنا ولم نجتمع ... وعاقتِ الأَقدارُ عن وقتِها .
فهذه العينان مع قربها ... لا تنظر الأخرى إلى أختِها .
وقال : .
لو رآنا العَذولُ يومَ التقينا ... بعد طول الصدود والهجرانِ