ومن كلامه : إِذا جالت فرسان الأَحاديث في ميادين الكفاح طارت رؤوس المقاييس في مهابّ الريح . وقال السّلفي : استفتيتُ شيخنا أبو الحسن الكِيا الهرَّاسي ببغداذ سنة خمس وتسعين وأربع مائة : ما يقول الإمام وفّقه الله في رجل أوصى بثلث ماله للعلماء والفقهاء هل يدخل كتبة الحديث تحت هذه الوصية أو لا ؟ فكتب الشيخ تحت السؤال : نعم كيف لا وقد قال رسول الله صلّى الله عليه وسلّم : " من حفظ على أمَّتي أربعين حديثاً في أمر دينها بعثه الله يوم القيامة فقيهاً عالماً ؟ " وأفتى في أمر يزيد بن معاوية بما يأتي إن شَاءَ الله تعالى في ترجمة يزيد في مكانه . وحضر دفنه قاضي القضاة أبو الحسن الدامغاني والشَّريف أبو طالب الزينبي وكانا مقدّمي الطائفة الحنفية وكان بينهما وبينه منافسة ؛ فوقف أحدهما عند رأسه والآخر عند رجليه فقال الدامغاني متمثّلاً : .
وما تُغني النَّوادب والبواكي ... وقد أصبحتَ مثل حديث أمسِ .
وأنشد الزبيني متمثّلاً : .
عُقِمَ النساءُ فما يَلِدْنَ شبيهَهُ ... إنَّ النساءَ بمثله عُقْمُ .
ولمَّا توفي رثاه أبو إسحاق إبراهيم الغزِّي ارتجالاً فقال : .
هيَ الحوادثُ لا تُبقي ولا تَذَرُ ... ما للبريَّة من محتومها وزَرُ .
لو كان يُنجي عُلُمٌّ من بوائقها ... لم يُكسفِ النيِّرانِ الشمسُ والقمرُ .
قل للجبان الذي أمسى على حذرٍ ... من الحِمام متى ردَّ الردى حَذَرُ .
بكى على شمسه الإسلامُ إذْ أفَلَت ... بأدمعٍ قلَّ في تشبيهها المطرُ .
حَبْرٌ عهدناه طلقَ الوجهِ مبتسماً ... والبِشرُ أحسنُ ما يُلْقى به البشرُ .
لئن طوتهُ المنايا تحت أخمصها ... فعلمه الجمُّ في الآفاق منتشرُ .
سقى ثراك عمادَ الدينِ كلَّ ضحًى ... صَوْبُ الغمام مُلِثُّ الوَدْقِ منهمرُ .
عند الوَرَى من أسًى أبقيته خبرٌ ... فهل أتاك من استيحاشهمْ خبرُ ؟ .
أحيا ابنَ إدريسَ درسٌ كنتَ توردهُ ... تحار في نظمهِ الأذهانُ والفِكَرُ .
من فازَ منهُ بتعليقٍ فقد علقتْ ... يمينُهُ بشهابٍ ليس ينكدرُ .
كأنَّما مشكلاتُ الفقه توضحها ... جباهُ دُهْمٍ لها من لفظه غُرَرُ .
ولو عرفتُ له مِثلاً دعوتُ بهِ ... وقلتُ دهري إلى شرواه مُفْتَقِرُ .
ابن السَّقَّاء .
علي بن محمد بن علي بن منصور الحَوْزي أبو الحسن الأديب ابن السَّقَّاء . قال ياقوت : رجل فاضل شاعر كاتب سمع الحديث من متأخّري الطبقة الثانية ومن مشايخنا ومات كهلاً سنة سبع وتسعين وأربع مائة .
الفصيحي النحوي .
علي بن محمد بن علي أبو الحسن بن أبي زيد الفصيحي الإستراباذي . قرأ النحو على عبد القاهر الجرجاني وأخذ عنه ملك النحاة والحيص بيص . توفِّي سنة ست عشرة وخمس مائة . درَّس النحو بالنظامية بعد أبي زكريَّاء التبريزي ثمَّ اتُّهم بالتشيّع فقال : لا أجحد أنا متشيّع من الفرْق إلى القدم ؛ فأُخرج من النظامية ورتب موهوب بن الجواليقي مكانه فقصده التلامذة يقرؤون عليه ؛ فقال : منزلي الآن بالكراء والخبز بالشراء وأنتم تدّحرجون إليّ اذهبوا إلى من عُزلنا به . وسمِّي الفصيحي لتكراره على فصيح ثعلب حتَّى إنه دخل يوماً على مريض يعوده فقال : شفاه وأرخيت الستر لكثرة اعتياده له . وقد طوّل ترجمته ياقوت وذكر فيها الجراحة المنقلة من جملة الشجاج هل هي بفتح القاف أو بكسرها .
قاضي القضاة الدامغاني الحنفي