ووراءَ تلك العِيسِ قلبُ مدلَّةٍ ... لم يلقَ من رقّ الصَّبابة معتِقا .
حرَّان يسأل أدمعي لغليله ... ولطالما سأل الأسير المطلَقا .
وسقيمَةِ الألحاظِ بيض جفونِها ... فتكاً لسود جفونِها لا يتَّقى .
نشرتْ ذوائبها وهزَّ قوامها ... شرخُ الشَّباب فهزَّ غصناً مورِقا .
كَلَفي بذاتِ الخال ليسَ بحادثٍ ... فيكون في نسبِ الملاحةِ مُلحَقا .
مَنَعَتْ زكاة الحُسن في العشرين كا ... ملةً وكنتُ ابن السَّبيلِ المملقا .
وقال : .
لولا صدُودكِ يا أُمامَهْ ... ما كنتُ أندب عهد رامهْ .
ولما وقفتُ على القدو ... دِ الهِيف أسجعُ كالحمامهْ .
أبكي لياليَ غِبطةً ... كانت لخدّ الشَّامِ شامَهْ .
وأغنَّ ما ضرّ الصَّبا ... لو أنَّا حملت سلامَهْ .
فأُغالط الواشي بنش ... رِ الأُقحوانَةِ والثُّمامَهْ .
إن حلَّ طرفي طيفُه ... فالبدر يسري في الغمامَهْ .
أزرى بظبيِ الرَّملِ نا ... ظرةً وخُوطِ البان قامَهْ .
وأرى المدامَ بخدهِ ... والوردُ ليس له مدامَهْ .
أَمرَ العذولُ بهجرهِ ... قل للعذول : ولا كرامَهْ .
واطلب أمانَ جفونهِ ... إن كنت ترغبُ في السلامَهْ .
وقال : .
هي دار ميَّة يا طليقَ العذَّلِ ... قف بالمطايا إن وقفتَ بمنزلِ .
فهناك أفواهُ البروقِ ضواحكٌ ... والدوحُ راقصةٌ لشدو البلبلِ .
ما بين درع من غدير مانعٍ ... نبل القطار وصارمٍ من جدولِ .
صافٍ إِذا ما المدُّ ألبس جسمَه ... صدأَ القذى صقلتْهُ ريحُ الشمألِ .
وكأن رمحاً فوق متن نظيمةٍ ... زَغْفٍ قضيبُ البانِ فوقَ المنهلِ .
والمزنُ تسفح منهراتُ جراحِها ... وترى حسام البرقِ غيرَ مفلَّلِ .
حَربٌ حنينُ الرعدِ صوت نسيمها ... والغيمُ أسودهُ غبار القسطلِ .
وقفت بها الأَبصار وقفةَ حائرٍ ... ومشتْ إليها السحبُ مِشية مثقلِ .
فالأَرض باسمةٌ ثغور أقاحها ... طرباً لوجهِ العارضِ المتهلِّلِ .
وقال : .
ألم تحتلف أن لا تعود إلى ظلم ... فلم جُرِّدت أسيافُ عينيك في السِّلمِ .
وما بال كفّ الدّلّ نحو مقاتلي ... تسدِّدُ من عطفيك بعض القنا الصّمِّ .
ولم أرَ موتاً قبل طرفك مشتهًى ... ولا صحَّةً زِينت بشافٍ من السّقمِ .
عدمتُ الغنى من وجنةٍ ذهبيَّةٍ ... تُصان وهذا خالها طابعُ الختمِ .
وقد بلّغت عنِّي بلاغة أدمُعي ... وباحَ نُحولي بالخفيّ من الكتمِ .
فما شافها العذَّال مثلُ مدامعي ... ولا خاطبَ الواشين أفصحُ من سُقمي .
وبِكْرٍ من اللذاتِ نِلتُ بها المُنى ... وبِتُّ نديمَ الإثم فيها بلا إثمِ .
أضمُّ قضيب البان في ورَق الصِّبا ... وألثمُ بدر التمِّ في سحُب اللثمِ .
وقال .
أجنّها الفكر وأبداها العَبَقْ ... ما كتمَ الليل ولا نمَّ الفلقْ .
لا ذنبَ للصبح وشمسٌ ما أرى ... والعذر للَّيلِ ومسكٌ ما انتشَقْ .
بالقلب ما بقلبها من غُصَّة ... وجداً وما لوشْحها من القلقْ .
إِذا تثنّى قدُّها في فَرعها ... بان به معنى القضيب في الورقْ .
ومُقلةٍ ما لي بها من مقلةٍ ... يدٌ على طول البكاء والأرقْ .
لولا خيالات الدجى ما فضَّلت ... بنفسجَ الليل على ورد الشفقْ .
يا راقدينَ ورقادي بعدَهم ... أخو الهدوِّ مدَّعًى أو مُسترَقْ .
قطعتمُ نومي وجفني سارقٌ ... وإنَّما يُقطع شرعاً من سرقْ .
أخلقتُ ثوبَ السقمِ في حبّكمُ ... وعادةٌ أن يُنزعَ الثوبُ الخَلَقْ .
من لي بكافور الصباح قولةً ... من ساهرٍ أمَّله مسك الغَسَقْ