سرتْ تقطع البيداء والليلُ عابسٌ ... فما فطن الواشون حتَّى تبسَّما .
ولو كنتَ في حيثُ الوداعُ عشيَّةً ... تعجبتَ من ضدَّينِ يُعْجَبُ منهما .
لرقَّة جسمٍ يُكسب القلبَ قسوةً ... وطرفٍ شجٍ يبكي جبيناً ومَبْسِما .
وشاهدتَ نظم الدرّ وهو مبدَّدٌ ... دموعاً ونثرَ الأُقحوان منظَّما .
وقال : .
بأبي ذلك القوامُ وما رنَّ ... ح من عِطفه نسيمُ الدلالِ .
راح يقضي بالعدل والميل فينا ... كلُّ غصن للميل والاعتدالِ .
قامة الرمح طلعة البدر خدّ ال ... ورد ريق السُّلاف جفن الغزال .
يا ولاةَ القلوبِ والحسنِ من حكَّ ... مَ غيدَ الآجال في الآجالِ ؟ .
وقال : .
تجلَّى لطرفي وجهُها تحت شَنفها ... فقابلتُ منها بدرها وثريَّاها .
فلا سمعتْ إلاَّ بكاءَ حمامةٍ ... ولا ضاحكت إلاَّ من البرق أفواها .
وقال : .
ترقُّ أحاديثُ النَّسيمِ مَعانِياً ... وتخفى إشارات البروق فتُفهمُ .
فيا فيضَ ذاك الماءِ لو برّد الحشا ... ويا حُسنَ ذاك النثرِ لو كان يُنظمُ .
وعهدي بذاك السفحِ وهو كأنّهُ ... من النبت خدٌّ بالعذار منمنمُ .
ترفَّع عن أيدي الرِّكاب فتُربهُ ... يقبَّلُ منا بالشفاهِ ويُلثمُ .
ولو يستطيع البدرُ والجوُّ سافرٌ ... لمرَّ بذاك الأفْق وهو ملثَّمُ .
ووسنانَ يغزونا وتُهوى لحاظهُ ... وتظلمنا أجفانُه وتُحكَّمُ .
ينير سنا وجهٍ ويدجو ذوائباً ... فيا حسنَهُ يوماً يضيءُ ويُظلِمُ .
وقال : .
تحدّث البرقُ عن سُعدى فما كذبا ... والدمعُ يشرح ما أملى بما كتبا .
يفترُّ معترِضاً عن مثل مَبْسمها ... لو كان يملك ذاك الظَّلم والشَّنبا .
سيفٌ من الوجد ما شيمت مضاربُه ... على مقاتل صبرٍ عنهمُ فَنَبا .
وإن سرى في هزيع الليل لامِعُه ... أشاب من لِمَمِ الظلماء ما خَضَبا .
نارٌ إِذا هاجها ليلاً نسيمُ صَباً ... أصار فحمَ الدياجي ومضُها ذهبا .
يا غائبينَ ولا والوجدِ ما فقدتْعيني وحاشا فؤادي مثلَهم غَيَبا .
لو كنت أملك ما بِتُّم أحقَّ بهِ ... منّي لسكّنتُ قلباً طالما وَجَبا .
أبكي القدودَ وما ضمّت مآزرُها ... وعاذلي ظنَّها الأغصانَ والكُثُبا .
وقال : .
أخذ الكرى مني وأعطاني الأسفْ ... قَدٌّ أخافُ عليه سلطانَ الهَيَفْ .
متأوِّدُ الأعطاف من سكر الصِّبا ... متلوِّن الأخلاق من تيه الصَّلَفْ .
ذُد عن حمى قلبي مغيرَ جفونهِ ... فجفونه نَبْلٌ لها قلبي هدفْ .
جسمٌ وروحٌ رِدفه مع خصرِه ... والأثقلُ الأرضيّ يلطُفُ بالأخفْ .
ما إن رآه ناظرٌ إلاَّ جرى ... متنزِّهاً أو خاطرٌ إلاَّ وقفْ .
ذو القلب يحكي صُدغه بسوادهِ ... لو أنَّ لي لحظاً حكاه إِذا انعطفْ .
ذو مقلةٍ كالصَّاد حُفَّ بحاجبٍ ... كالنون زانا قامةً مثلَ الألِفْ .
وقال : .
حجبوا القدودَ بمثلها فموائدُ ال ... خِرصان دون موائس الأغصانِ .
وحموا العيون من الهُجوع وغادروا ... بين الضلوع ودائعَ الأشجانِ .
أتُرى يعود زمان وصلٍ مَرَّ لي ... بالجِزع في أمنٍ من الهجرانِ .
أو أجتني ورد الخدود وأجتلي ... تلك البدور على غصون البانِ .
يا ساكني قلبي الكئيب فبينهمْ ... إلفُ الديار وصُحبة الجيرانِ .
خرَّبتمُ ربع السلوّ بجوركمْ ... وعمارةُ الأوطان بالسكّانِ .
أمَّلتُكم فحُرمتُ ما أمَّلتُهُ ... ورجوتكم فرجعتُ بالحرمانِ .
ذو وجنة حمراءَ فوق عذارِه ... وكذا تكون شقائقُ النُّعمانِ .
وقال :