أنظر إلى شجر الحيلاف مشتعلاً ... لمن يراه على بعد كنيران .
في حال حمرتها من قبل خضرتها ... تخال أغصانها قضبان مرجان .
ومنه في البان : من الكامل .
بانت لك البانات فاشرب فوقها ... صفراء تؤذن بالمسرة والسخا .
وتلبست زغب الحمام كأنما ... باض الربيع على الغصون وفرخا .
آخر الجزء الحادي والعشرون من كتاب الوافي بالوفيات يتلوه إن شاء الله تعالى علي بن محمد بن رستم بن هردوز بهاء الدين والحمد لله رب العالمين وصلى الله على محمدٍ وآله وصحبه وسلم .
الجزء الثاني والعشرين .
بسم الله الرحمن الرحيم .
ربِّ أَعِنْ .
ابن الساعاتي .
علي بن محمد بن رُستم بن هَرْدُوز بهاء الدين أبو الحسن الشاعر ابن الساعاتي صاحب الديوان المشهور . ولد بدمشق سنة ثلاث وخمسين وخمس مائة وتوفي سنة أربع وست مائة . وكان أبوه يعمل الساعات بدمشق فبرع هو في الشعر ومدح الملوك وتعانى الجندية وسكن مصر وروى شعره جماعة منهم القوصي وغيره . وهو أخو الطبيب العلاّمة فخر الدين رضوان طبيب الملك المعظَّم وقد تقدَّم ذكره في حرف الرَّاء .
وحُكي أنَّ بهاء الدين المذكور كان مليح الصورة ظريفاً وأنه كان ممَّن يتعشَّقه أربعون شاعراً وأنه كان إِذا نظم القصيدة ألقاها بينهم فينقِّحها الجميع له فلذلك جاد شعره . وديوانه كبير ثلاث مجلدات كبار . وهو عند أكثر الناس أنه شاعر عظيم وأنا ما أراه يداني ابن النَّبيه وإن كان ابن الساعاتي قادراً مكثاراً طويل النَّفس . وقيل أنه قال يوماً - وهو في حداثته - ابنُ منقذ : أجيء وأحدثكم ؛ فقال له ابن الساعاتي : مُرَّ ويْكَ . وكلاهما أراد التصحيف ؛ قال ابن منقذ : أخي واحد بكم ؛ فقال ابن الساعاتي : مُروءتك . وهذا لطف منه . نقلت من خط القوصي في معجمه قال : أنشدني لنفسه : .
قم يا نديم إلى مباشرة الوغى ... فالحربُ قائمةٌ ونحن هجودُ .
واللَّيلُ قد أودى وقهقه عندنا ... الإبريقُ من طربٍ وناح العودُ .
ولئن زعمتَ بأنَّ ذلك باطلٌ ... فلنا عليه أدلَّةٌ وشهودُ .
القطرُ نَبلٌ والغدير سوابغٌ ... والبرق بِيض والغمام بنودُ .
وقال القوصي : أنشدني لنفسه : .
ومواقفٍ بالنَّيْرَبَيْنِ شهدتُها ... والعيشُ غَضٌّ والزمانُ غلامُ .
جَمَدَ المُدام بهنَّ فهو فواكهٌ ... تُجنى وذاب التبر فهو مُدامُ .
مخطوبةٌ جُليت فنقَّطها الحيا ... بعقود دُرٍّ خانهنَّ نظامُ .
والدَّوح يرقص والبروق بجوّها ... مثل الصَّوارم بالرّقاب تُشامُ .
سَفَرَتْ فنرجسُها المضاعفُ أعيُنٌ ... والوردُ خدٌّ والقضيبُ قوامُ .
وقال : أنشدني لنفسه في سوداء أَحبَّها : .
زعموا أنَّني بجهلي تعشَّق ... تُكِ سوداءَ دون بِيض الغواني .
ليس معنى الجمال فيكِ بخافٍ ... إنَّما أنتِ خالُ خدّ الزَّمانِ .
وقال : أنشدني لنفسه : .
لا تعجبنَّ لطالبٍ بلغَ المنى ... كهلاً وأخفق في الشَّباب المقبلِ .
فالخمرُ تحكم في العقولِ مسنَّةً ... وتُداس أَوَّلَ عصرها بالأرجلِ .
وقال : أنشدني لنفسه يشبّه الباذنجان : .
يا مُهْدِيَ الأَبْذنج أهلاً بما ... أهديتَ إذْ كنتَ لنا مُنْعِما .
شبَّهتُه لمَّا تأمَّلتُه ... ولم أكن في مثله مُعْدما .
أقماعَ كِيمُخْتٍ على أُكرةٍ ... من أَدَمٍ قد حُشِيَتْ سِمْسِما .
وقال ابن الساعاتي : .
ولقد نزلتُ بروضة حَزْنِيَّةٍ ... رتعت نواظرنا بها والأَنفسُ .
فظللتُ أعجبُ حيث يحلف صاحبي ... والمسكُ من حافاتها يتنفَّسُ .
ما الجوُّ إلاَّ عنبرٌ والدَّوح إ ... لاَّ جوهر والأَرض إلاَّ سُندسُ .
سفرتْ شقائقها فهمَّ الأُقحوا ... ن بلثمها فرنا إليه النرجسُ .
فكأَنَّ ذا خدٌّ وذا ثغر يحا ... وله وذا أبداً عيون تحرسُ .
وقال أيضاً : .
أَما ترى البدرَ يجلوه الغدير وقد ... حفَّت به قُضُبٌ بالنَّوْرِ في لُثُمِ