وكتب القاضي محيي الدين بن عبد الظاهر في موته عدة كتب رأيتها بخطه ونقلتها منها : بعلمه أن قضاء الله لا يرده ذو سلطان بحوله ولا حيله ولا بمماليكه ولا بخوله ولا بكنوزه ولا بأمواله ولا بجيوشه ولا برجاله . وكان من قضاء الله أن ولدنا الملك الصالح اختار الله له ما عنده فنقله إلى جواره سعيدا وقرب له من الأجل ما كنا نراه بعيدا ورزقنا صبراً سلمنا فيه لأمره طائعين وأذعنا لمقدوره سامعين . وما كانت إلا مصيبة آجرنا الله فيها ونازلة أعان الله صبرنا على تلقيها وبحمد الله تعالى ما وهي ملك نحن ركنه الشديد ولا هي صير ترمق كيف نبدي بالتثبيت ونعيد والشمس طالعة إن غيب . وإذا بقي الأصل وذوي غصن من أغصانه لم ينقطع الزهر ولا الثمر .
ومن آخر : واليد التي تصافحها الأيدي بالطاعة هي يدنا والخلائق لها تصافيح وما كنا لنختار طالح التفجع على الأجر فيه فنبيع الصالح بالطالح وبحمد الله حزنا بالصبر المثوبة الباطنة والظاهرة . وكان من غرضنا أن نجعله في الدنيا فجعله الله في الدنيا والآخرة .
ومن آخر أيضاً : وكان من الأمر الفادح والقدر الذي في زناد القلوب أعظم قادح متجدد أقرح القرائح وجرح الجوارح وخيب الأمل الذي كان يقول هذا على الحقيقة الملك الصالح . وقال أيضاً : من الخفيف .
قيل : حزن السلطان ينسيه موسى ابنه قلت : حزنه ليس ينسى .
كل قلب به جريح فقولوا : ... بموسى رأيتم الجرح يؤسى .
وقال أيضاً قصيدة : من البسيط .
اليوم آخر تأميلي وتأميني ... وأول الثكل للدنيا وللدين .
وأقرب الأمر من هم ومن حزن ... وأبعد العهد من صبر وتسكين .
مات الذي كنت أرجو أن يعيش وأن ... يبارك الله في عمري ويبقيني .
آهاً لها حسرة واست بحسرتها ... أسد العرين وداست كل عرنين .
قد أصبح الملك مشلول اليمين بها ... وليت لا صوفحت بالحين في الحين .
ومن أمداح السراج الوراق فيه : من الطويل .
لقد عف في سلطانه وجماله ... فلله ملك فيهما قد تعففا .
وما صده شرخ الشباب عن التقى ... ولا هز منه اللهو حاشاه معطفا .
ولا مال للدنيا بعصمة عافر ... وكم أبدت الدنيا لعينيه زخرفا .
نجا من تجافيها علي بيمنه ... فسدد في ذات الإله وأخلفا .
وعرف خيرا كان منها منكرا ... ونكر شيئاً كان منها معرفا .
وأغرب في تصنيف أفعاله التي ... روينا بها عنه الغريب المصنفا .
الأمير سيف الدين علي بن قليج الأمير الكبير سيف الدين صاحب المدرسة القليجية بداخل دمشق إلى دار الفلوس . وكان أبوه من الأمراء الظاهرية الحلبية عمل سيف الدين نيابة دمشق . وكانت مدرسته دار خالد بن الوليد . توفي بدمشق في شعبان سنة ثلاث وأربعين وست مائة ودفن بداره دار الفلوس وكان أبوه يلقب غرس الدين . روى عنه القوصي في معجمه وله وضع المجموع الذي سماه : الروض البهيج والعرف الأريج المخدوم به الأمير سيف الدين ابن قليج . وكان يعرف أشياء ويحفظ شعراً كثيراً ويورده .
نقلت من خط شهاب الدين القوصي قال : أنشدني لنفسه رشيد الدين عمر بن إسماعيل الفارقي في الأمير سيف الدين ابن قليج وقد سكن بدار أسامة : من الخفيف .
لاح ثغر العلاء يبسم إذا وا ... فى علي فلا عدمنا ابتسامه .
واغتدا بشره بشيرا وقد أق ... سم والعين صدقت أقسامه .
إن هذا الأمير ليث عرين ... وسم الله وجهه بالوسامه .
قاطن في مواطن الأسد لا ينفك عنها في رحلة أو إقامه .
فهو إن غاب الأسل السمر وإن حل حل دار أسامه .
ابن السكزي علي بن قيران علاء الدين أبو الحسن الكركي السكزي بالسين المهملة والكاف والزاي الدمشقي الجندي ثم الصوفي نزيل القاهرة . سمع الكثير سنة سبع عشرة في الكهولة وأخذ عن جماعة من أصحاب ابن الزبيدي . وحدث ونسخ قليلاً . قال الشيخ شمس الدين : سمع معي قلت : ولد سنة ثمان وخمسين وست مائة وتوفي C في شهر رمضان سنة أربع وأربعين وسبع مائة بالقاهرة . وكان يكتب أسماء السامعين في الميعاد وكان مخلاً C تعالى