قال الصولي : لا أعرف أنه وزر لبني العباس وزير يشبهه في زهده وعفته وحفظه القرآن وعلمه بمعانيه . وكان يصوم نهاره ويقوم ليله . ولا أعلم أنني خاطبت أحداً أعلم منه بالشعر وكان يوقع بيده في جميع ما يحتاج إليه . ولما عزل في وزارته الثانية وولي ابن الفرات لم يقنع المحسن بن أبي الحسن بن الفرات إلا بإخراجه عن بغداد فتوجه إلى مكة وأقام بها مهاجراً . وقال في نكبته : من الطويل .
ومن يك عني سائلاً لشماتة ... لما نالني أو شامتاً غير سائل .
فقد أبرزت مني الخطوب ابن حرة ... صبوراً على أهوال تلك الزلازل .
إذا سر لم يبطر وليس لنكبة ... إذا نزلت بالخاشع المتضائل .
ولما حبس كان يلبس ثوبه ويتوضأ للصلاة ويقوم ليخرج لصلاة الجمعة فيرده المتوكلون فيرفع يده إلى السماء ويقول : اللهم اشهد لي أنني أريد طاعتك ويمنعني هؤلاء . وأشار على المقتدر أن يقف العقار ببغداد على الحرمين والثغور وغلتها ثلاثة عشر ألف دينار في كل شهر والضياع الموروثة بالسواد وغلتها نيف وثمانون ألف دينار ففعل ذلك وأشهد على نفسه الشهود وأفرد لهذه الوقوف ديواناً وسماه البر . وخدم السلطان سبعين سنة لم يزل فيها نعمة عن أحد . وأحصي له أيام وزارته نيف ثلاثون ألف توقيع من الكلام السديد ولم يقتل أحداً ولا سعى في دمه . وكان على خاتمه : من المجتث .
لله صنع خفي ... في كل أمر يخاف .
وعزى ولدي القاضي أبي الحسن عمر بن أبي عمر محمد بن يوسف فلما أراد الانصراف قال : مصيبة قد وجب أجرها خير من نعمة لا يؤدى شكرها . وكان يجري على خمسة وأربعين إنسان جرايات تكفيهم .
الأمير الكبير علي بن عيسى بن ماهان الأمير . كام من كبار قواد الدولة هو الذي أشار على الأمين بخلع المأمون وقتل طاهر بن الحسين بظاهر الري في حدود المائتين .
ابن القيم علي بن عيسى بن سليمان بن رمضان بن أبي الكرم التغلبي المصري الشافعي الكاتب الشيخ الرئيس الفاضل المعمر بهاء الدين أبو الحسن ابن الشيخ الفقيه ضياء الدين ناظر الأوقاف وصهر الوزير بهاء الدين ابن حنا . سمع من الفخر الفارسي وعبد العزيز بن باقا وسبط السلفي وتفرد مدة عن الفارسي وكان فيه قوة وهمة يركب الخيل ويتصرف في مصالحه . وفيه دين وخير وتواضع ولطف . ولد سنة ثلاث عشرة وست مائة وتوفي سنة عشر وسبع مائة . سمع منه الدمياطي والحارثي وابن سيد الناس وابن حبيب وقاضي القضاة تقي الدين السبكي والواني والنور الهاشمي وابن سامة وابن المهندس والشيخ رافع وولده تقي الدين حضوراً وابن الفخر وابن خلف وقرأ عليه شمس الدين الأول من عوالي ابن عيينة للرئيس الثقفي .
الكحال علي بن عيسى بن علي الكحال . كان مشهوراً بالحذق في صناعة الكحل وبكلامه يقتدى في أمراض العين ومداواتها . وكتابه المشهور بتذكرة الكحالين هو الذي لا بد لكل من عانى الكحل أن يحفظه وقد اقتصر الناس عليه دون غيره من سائر الكتب التي ألفت في هذا الفن . وكلامه في أعمال صناعة الكحل أجود من كلامه فيما يتعلق بالأمور العلمية وتوفي سنة . . . . . وأربع مائة .
الرماني النحوي علي بن عيسى بن علي بن عبد الله أبو الحسن الرماني الوراق الاخشيذي . كان تلميذ ابن الاخشيذ المتكلم أو كان على مذهبه في الاعتزال وله في ذلك تصانيف مشهورة . وكان علامة في العربية وهو في طبقة أبي علي الفارسي وأبي سعيد السيرافي . وكان قد شهد عند أبي محمد ابن معروف . مولده سنة سبع وستين ومائتين ووفاته سنة أربع وثمانين وثلاث مائة . وكان يمزج نحوه بالمنطق حتى قال الفارسي : إن كان النحو ما يقوله الرماني فليس معنا منه شيء . وإن كان ما نقوله نحن فليس مع الرماني منه شيء . وكان يقال : النحويون في زماننا ثلاثة واحد لا يفهم كلامه وهو الرماني وواحد يفهم بعض كلامه وهو الفارسي وواحد يفهم جميع كلامه بلا أستاذ وهو السيرافي